٥ - اتفق الإمامان على توجيه الفرق بين إبدال قوله تعالى:{ثُعْبَانٌ مُبِينٌ}(١)، بقوله تعالى {كَأَنَّهَا جَانٌّ}(٢).
حيث قال الإمام الرازي: «فإن قيل كيف قال هاهنا: {ثُعْبَانٌ مُبِينٌ} وفي آية أخرى: {فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى}(٣) وفي آية ثالثة: {كَأَنَّهَا جَانٌّ} والجان مائل إلى الصغر والثعبان مائل إلى الكبر؟ جوابه: أما الحية فهي اسم الجنس ثم إنها لكبرها صارت ثعبانا، وشبهها بالجان لخفتها وسرعتها فصح الكلامان، ويحتمل أنه شبهها بالشيطان لقوله تعالى:{وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ}(٤)، ويحتمل أنها كانت أولا صغيرة كالجان ثم عظمت فصارت ثعبانا» (٥).
وقال الإمام الألوسي:«لا تعارض بين ماهنا وقوله سبحانه: {كَأَنَّهَا جَانٌّ} بناء على أن الجان هي الحية الصغيرة لما قالوا: إن القصة غير واحدة، أو أن المقصود من ذلك تشبيهاً في خفة الحركة بالجان لا بيان جثتها، أو لما قيل: إنها انقلبت جاناً وصارت ثعباناً فحكيت الحالتان في آيتين»(٦).
بعرض رأي الإمامين يتضح اتفاقهما معًا في توجيه المتشابه.
٦ - اتفق الإمامان على توجيه الفرق بين إبدال قوله تعالى:{فَانْفَجَرَتْ}(٧) بقوله تعالى: {فَانْبَجَسَتْ}(٨).
حيث قال الإمام الرازي:
في الموضع الأول للمتشابه (سورة البقرة): «السؤال الثاني: أنه تعالى ذكر هاهنا: {فَانْفَجَرَتْ}، وفي الأعراف:{فَانْبَجَسَتْ} وبينهما تناقض لأن الانفجار خروج الماء بكثرة
(١) سورة الأعراف، الآية: (١٠٧). (٢) سورة النمل، الآية: (١٠). (٣) سورة طه، الآية: (٢٠). (٤) سورة الحجر، الآية: (٢٧). (٥) التفسير الكبير، (٢٤/ ١٣١ - ١٣٢). (٦) روح المعاني، (٥/ ٢٠). (٧) سورة البقرة، الآية: (٦٠). (٨) سورة الأعراف، الآية: (١٦٠).