مسائل المتشابه اللفظي التي اتفق الإمامان في توجيهها في اللفظ والتركيب
١ - اتفق الإمامان على توجيه الفرق بين إبدال قوله تعالى:{هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ}(١)، بقوله تعالى:{هُدًى لِلنَّاسِ}(٢).
حيث قال الإمام الرازي: «ولو لم يكن للمتقي فضيلة إلا ما في قوله تعالى: {هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ}(٣)، كفاه؛ لأنه تعالى بين أن القرآن هدى للناس في قوله: شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن {هُدًى لِلنَّاسِ}(٤)، ثم قال هاهنا في القرآن: إنه هدى للمتقين، فهذا يدل على أن المتقين هم كل الناس، فمن لا يكون متقيا كأنه ليس بإنسان» (٥).
وقال الإمام الألوسي: «وبعض صحح أن القرآن في نفسه هدى في كل شيء حتى معرفة الله تعالى لمن تأمل في أدلته العقلية وحججه اليقينية كما يشعر به ظاهر قوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ}(٦)، ويكون الاقتصار على المتقين هنا بناء على تفسيرنا الهداية مدحاً لهم ليبين سبحانه أنهم الذين اهتدوا وانتفعوا به كما قال تعالى:{إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يخشاها}(٧)، مع عموم إنذاره صلى الله عليه وسلم وأما غيرهم فلا {وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً}(٨)، و {لا يَزِيدُ الظالمين إَلاَّ خَسَارًا}(٩)، وأما القول بأن التقدير هدى للمتقين والكافرين فحذف لدلالة المتقين على حد {سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ}(١٠)، فمما لا يلتفت إليه» (١١).
(١) سورة البقرة، الآية: (٢). (٢) سورة البقرة، الآية: (١٨٥). (٣) سورة البقرة، الآية: (٢). (٤) سورة البقرة، الآية: (١٨٥). (٥) التفسير الكبير، (٢/ ٢٦٨). (٦) سورة البقرة، الآية: (١٨٥). (٧) سورة النازعات، الآية: (٤٥). (٨) سورة الإسراء، الآية: (٤٥). (٩) سورة الإسراء، الآية: (٨٢). (١٠) سورة النحل، الآية: (٨١). (١١) روح المعاني، (١/ ١١٢).