لَكُمْ بِهِ، فَمَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ.
فَقَامْتُ إِلَيْهِ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ [فَأَخَذَتْ بِشَارِبِهِ (١) ] فَقَالَتْ: اقْتُلُوا الْحَمِيتَ الدَّسِمَ الْأَحْمَسَ (٢) قُبِّحَ مِنْ طَلِيعَةِ قَوْمٍ.
فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: وَيْلَكُمْ لَا تَغُرَّنَّكُمْ هَذِهِ مِنْ أَنْفُسِكُمْ، فَإِنَّهُ قد جَاءَكُم مَالا قِبَلَ لَكُمْ بِهِ، مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ.
قَالُوا: قَاتَلَكَ اللَّهُ! وَمَا تُغْنِي عَنَّا دَارُكَ؟ قَالَ: وَمَنْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَهُوَ آمِنٌ.
فَتَفَرَّقَ النَّاسُ إِلَى دَوْرِهِمْ وَإِلَى الْمَسْجِدِ.
[وَذَكَرَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا مَرَّ بِأَبِي سُفْيَانَ قَالَ لَهُ: إِنِّي لَأَرَى وُجُوهًا كَثِيرَةً لَا أَعْرِفُهَا، لَقَدْ كَثُرَتْ هَذِهِ الْوُجُوهُ عَلَيَّ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُول الله: " أَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا وَقَوْمُكَ، إِنَّ هَؤُلَاءِ صَدَّقُونِي إِذْ كذبتموني، ونصروني إِذْ أخرجتموني ".
ثمَّ شكا إِلَيْهِ قَوْلَ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ حِينَ مَرَّ عَلَيْهِ فَقَالَ: يَا أَبَا سُفْيَانَ: الْيَوْمُ يَوْمُ الْمَلْحَمَةِ * الْيَوْمُ تُسْتَحَلُّ الْحُرْمَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: " كَذِبَ سَعْدٌ، بَلْ هَذَا يَوْمٌ يُعَظِّمُ اللَّهُ فِيهِ الْكَعْبَةَ وَيَوْمٌ تُكْسَى فِيهِ الْكَعْبَةُ ".
وَذَكَرَ عُرْوَةُ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ لَمَّا أَصْبَحَ صَبِيحَةَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ الَّتِي كَانَ عِنْدَ الْعَبَّاسِ، وَرَأَى النَّاس يجنحون لِلصَّلَاةِ وَيَنْتَشِرُونَ فِي اسْتِعْمَالِ الطَّهَارَةِ خَافَ وَقَالَ للْعَبَّاس: مَا بالهم؟ قَالَ: إِنَّهُم قد سمعو النِّدَاءَ فَهُمْ يَنْتَشِرُونَ لِلصَّلَاةِ.
فَلَمَّا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ ورآهم يَرْكَعُونَ
(١) لَيست فِي أ.(٢) الحميت: الزق.أَو وعَاء السّمن.وَالدَّسم: السمين.والاحمس: الْكثير اللَّحْم.(*)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute