كَانُوا وُقُوفًا مَعَ الْعَبَّاسِ عِنْدَ خَطْمِ الْجَبَلِ، وَذكر أَن سعد لَمَّا قَالَ لِأَبِي سُفْيَانَ.
الْيَوْمُ يَوْمُ الْمَلْحَمَةِ: * الْيَوْم تستحل الحرمه فَشَكا أَبُو سُفْيَانَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَزَلَهُ عَنْ رَايَةِ الْأَنْصَارِ وَأَعْطَاهَا الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ فَدَخَلَ بِهَا مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ وَغَرَزَهَا بِالْحَجُونِ، وَدَخَلَ خَالِدٌ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ فَلَقِيَهُ بَنُو بَكْرٍ وَهُذَيْلٌ، فَقُتِلَ مِنْ بَنِي بَكْرٍ عِشْرِينَ وَمِنْ هُذَيْلٍ ثَلَاثَةً أَوْ أَرْبَعَةً، وَانْهَزَمُوا فَقُتِلُوا بِالْحَزْوَرَةِ (١) حَتَّى بَلَغَ قَتْلُهُمْ بَابَ الْمَسْجِدِ.
قَالَ الْعَبَّاسُ: فَخَرَجْتُ بِأَبِي سُفْيَانَ حَتَّى حَبَسْتُهُ بِمَضِيقِ الْوَادِي حَيْثُ أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَحْبِسَهُ.
قَالَ: وَمَرَّتِ الْقَبَائِلُ عَلَى رَايَاتِهَا، كُلَّمَا مَرَّتْ قَبِيلَةٌ قَالَ: يَا عَبَّاسُ مَنْ هَؤُلَاءِ؟ فَأَقُولُ: سليم.
فَيَقُول: مالى وَلِسُلَيْمٍ.
ثُمَّ تَمُرُّ بِهِ الْقَبِيلَةُ فَيَقُولُ: يَا عَبَّاس من هَؤُلَاءِ؟ فَأَقُول: مزينة.
فَيَقُول: مالى وَلِمُزَيْنَةَ.
حَتَّى نَفِدَتِ الْقَبَائِلُ مَا تَمُرُّ بِهِ قَبِيلَةٌ إِلَّا سَأَلَنِي عَنْهَا، فَإِذَا أَخْبَرْتُهُ قَالَ: مالى وَلِبَنِي فُلَانٍ.
حَتَّى مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كَتِيبَتِهِ الْخَضْرَاءِ وَفِيهَا الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ لَا يُرَى مِنْهُمْ إِلَّا الْحَدَقُ مِنَ الْحَدِيدِ، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ يَا عَبَّاسُ! مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: قُلْتُ: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، قَالَ: مَا لِأَحَدٍ بِهَؤُلَاءِ مِنْ قِبَلٍ وَلَا طَاقَةٍ، وَاللَّهِ يَا أَبَا الْفَضْلِ لَقَدْ أَصْبَحَ مُلْكُ ابْنِ أَخِيكَ الْغَدَاةَ عَظِيمًا! قَالَ: قُلْتُ: يَا أَبَا سُفْيَانَ إِنَّهَا النُّبُوَّةُ.
قَالَ: فَنِعْمَ إِذَنْ.
قَالَ: قُلْتُ النَّجَاءَ إِلَى قَوْمِكَ.
* * * حَتَّى إِذَا جَاءَهُمْ صَرَخَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، هَذَا مُحَمَّدٌ قَدْ جَاءَكُمْ فِيمَا لَا قبل
(١) الْحَزْوَرَة: كَانَت سوق مَكَّة.(*)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute