فَيَجْتَاحُهُمْ (١) فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُهْلِكَهُمْ بِسَنَةٍ عَامَّةٍ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلَتُهُ أَنْ لَا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ فَمَنَعَنِيهَا» " (٢) .
وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " إِنَّ الرَّزِيَّةَ كُلَّ الرَّزِيَّةِ مَا حَالَ بَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ الْكِتَابِ "، فَإِنَّ ذَلِكَ رَزِيَّةٌ فِي حَقِّ مَنْ شَكَّ فِي خِلَافَةِ الصِّدِّيقِ، وَقَدَحَ فِيهَا إِذْ لَوْ كَانَ الْكِتَابُ الَّذِي هَمَّ بِهِ أَمْضَاهُ لَكَانَتْ شُبْهَةُ هَذَا الْمُرْتَابِ تَزُولُ بِذَلِكَ، وَيَقُولُ: خِلَافَتُهُ ثَبَتَتْ (٣) بِالنَّصِّ الصَّرِيحِ الْجَلِيِّ، فَلَمَّا لَمْ يُوجَدْ هَذَا كَانَ رَزِيَّةً فِي حَقِّهِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، بَلْ قَدْ بَلَّغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَلَاغَ الْمُبِينَ، وَبَيَّنَ الْأَدِلَّةَ الْكَثِيرَةَ الدَّالَّةَ عَلَى أَنَّ الصِّدِّيقَ أَحَقُّ بِالْخِلَافَةِ مِنْ غَيْرِهِ، وَأَنَّهُ الْمُقَدَّمُ.
وَلَيْسَتْ هَذِهِ رَزِيَّةً فِي حَقِّ أَهْلِ التَّقْوَى الَّذِينَ يَهْتَدُونَ بِالْقُرْآنِ، وَإِنَّمَا كَانَتْ رَزِيَّةً فِي حَقِّ مَنْ فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ، كَمَا كَانَ نَسْخُ مَا نَسَخَهُ اللَّهُ، وَإِنْزَالُ الْقُرْآنِ، وَانْهِزَامُ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ مَصَائِبِ الدُّنْيَا رَزِيَّةً فِي حَقِّ مَنْ فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ.
قَالَ تَعَالَى: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: ٧] .
وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ فِي حَقِّ مَنْ هَدَاهُ اللَّهُ مِمَّا يَزِيدُهُمُ اللَّهُ بِهِ عِلْمًا وَإِيمَانًا.
(١) فَيَجْتَاحُهُمْ سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب)(٢) تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى(٣) ن: تَثْبُتُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute