وَالْجَوَابُ أَوَّلًا: أَنَّهُ لَمْ يَدَّعِ أَحَدٌ أَنَّ مُجَرَّدَ الْحُزْنِ كَانَ هُوَ الْفَضِيلَةَ، بَلِ الْفَضِيلَةُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} الْآيَةَ [سُورَةُ التَّوْبَةِ: ٤٠] .
فَالْفَضِيلَةُ كَوْنُهُ هُوَ الَّذِي خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ الْحَالِ وَاخْتَصَّ بِصُحْبَتِهِ، وَكَانَ لَهُ كَمَالُ الصُّحْبَةِ مُطْلَقًا، وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ: " {إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} " (١) ، وَمَا يَتَضَمَّنُهُ ذَلِكَ مِنْ كَمَالِ مُوَافَقَتِهِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَحَبَّتِهِ وَطُمَأْنِينَتِهِ، وَكَمَالِ مَعُونَتِهِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُوَالَاتِهِ فَفِي (٢) هَذِهِ الْحَالِ مِنْ كَمَالِ إِيمَانِهِ، وَتَقْوَاهُ مَا (٣) هُوَ الْفَضِيلَةُ.
وَكَمَالُ مَحَبَّتِهِ وَنَصْرِهِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الْمُوجِبُ لِحُزْنِهِ إِنْ كَانَ حَزِنَ مَعَ أَنَّ الْقُرْآنَ لَمْ يَدُلَّ عَلَى أَنَّهُ حَزِنَ كَمَا تَقَدَّمَ.
وَيُقَالُ: ثَانِيًا: هَذَا بِعَيْنِهِ مَوْجُودٌ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ: {وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ} [سُورَةُ النَّحْلِ: ١٢٧] ، وَقَوْلِهِ: {لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ} [سُورَةُ الْحِجْرِ: ٨٨] وَنَحْوِ ذَلِكَ، بَلْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى لِمُوسَى: {خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى} [سُورَةُ طه: ٢١] .
(١) سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فِيمَا مَضَى فِي هَذَا الْجُزْءِ، ص(٢) ن، س، ب: فِي(٣) مَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute