دَالًّا دَلَالَةً ظَاهِرَةً عَلَى الْقَدْحِ، فَإِذَا انْتَفَتْ إِحْدَاهُمَا انْتَفَى الْقَدْحُ، فَكَيْفَ إِذَا انْتَفَى كُلٌّ مِنْهُمَا؟ ! وَنَحْنُ نَعْلَمُ يَقِينًا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمْ يَقْدَمْ عَلَى عَلِيٍّ وَالزُّبَيْرِ بِشَيْءٍ مِنَ الْأَذَى، بَلْ وَلَا عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ الْمُتَخَلِّفِ عَنْ بَيْعَتِهِ أَوَّلًا وَآخِرًا.
وَغَايَةُ مَا يُقَالُ: إِنَّهُ كَبَسَ الْبَيْتَ لِيَنْظُرَ هَلْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي يُقَسِّمُهُ، وَأَنْ يُعْطِيَهُ لِمُسْتَحِقِّهِ، ثُمَّ رَأَى أَنَّهُ لَوْ تَرَكَهُ لَهُمْ لَجَازَ ; فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَهُمْ مِنْ مَالِ الْفَيْءِ.
وَأَمَّا إِقْدَامُهُ عَلَيْهِمْ أَنْفُسِهِمْ بِأَذًى، فَهَذَا مَا وَقَعَ فِيهِ قَطُّ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ، وَإِنَّمَا يَنْقُلُ مِثْلَ (١) هَذَا جُهَّالُ الْكَذَّابِينَ، وَيُصَدِّقُهُ حَمْقَى (٢) الْعَالَمِينَ، الَّذِينَ يَقُولُونَ: إِنَّ الصَّحَابَةَ هَدَمُوا بَيْتَ فَاطِمَةَ، وَضَرَبُوا بَطْنَهَا حَتَّى أَسْقَطَتْ.
وَهَذَا كُلُّهُ دَعْوَى مُخْتَلِقٍ، وَإِفْكٌ مُفْتَرًى، بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، وَلَا يَرُوجُ إِلَّا عَلَى مَنْ هُوَ مِنْ جِنْسِ الْأَنْعَامِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: " لَيْتَنِي كُنْتُ ضَرَبْتُ عَلَى يَدِ أَحَدِ الرَّجُلَيْنِ " فَهَذَا لَمْ يَذْكُرْ لَهُ إِسْنَادًا، وَلَمْ يُبَيِّنْ صِحَّتَهُ، فَإِنْ كَانَ قَالَهُ فَهُوَ يَدُلُّ عَلَى زُهْدِهِ وَوَرَعِهِ وَخَوْفِهِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى.
(١) مِثْلَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (م) .(٢) ن: حَمْقَاءُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute