قال عروة: وثويبة مولاة لأبي لهب، وكان أبو لهب أعتقها فأرضعت النبي صلى الله عليه وسلم فلما مات أبو لهب أريه بعض أهله بشر حيبة (٢) ، قال له: ماذا لقيت؟ قال: أبو لهب: لم ألق بعدكم، غير أني سقيت في هذه بعتاقتي ثويبة (٣) .
قال الحافظ ابن حجر: وفي الحديث دلالة على أن الكافر قد ينفعه العمل الصالح في الآخرة، لكنه مخالف لظاهر القرآن، قال تعالى:{وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً}(٤) .
وأجيب عن هذا من وجوه منها:
أن الخبر مرسل أرسله عروة ولم يذكر من حدثهُ به - كما تقدم -.
وعلى تقدير أن يكون موصلاً، فالذي في الخبر رؤيا منام فلا حجة فيه، ولعلَّ الذي رآها لم يكن إذ ذاك أسلم بعد فلا يحتج به (٥) .
أن ما ورد في مرسل عروة هذا من إعتاق أبي لهب ثويبة كان قبل
(١) - رواه البخاري في صحيحه المطبوع مع فتح الباري (٩/١٤٠) كتاب النكاح، حديث رقم (٥١٠١) ، واللفظ له. ورواه مسلم في صحيحه (٢/١٠٧٢) كتاب الرضاع، حديث رقم (١٤٤٩) . (٢) - الحيية - بكسر الحاء المهملة وفتح الباء -، أي: بشر حال، والحيبة والحوبة: الهم والحزن. يراجع: النهاية (١/٤٦٦) باب الحاء مع الياء. وقال ابن منظور: أي بحال سوء، وقيل: إذا بات بشدة، وحال سيئة لا يقال إلا في الشر. يراجع: لسان العرب (١/٣٣٩) مادة (حوب) . (٣) - رواه البخاري في صحيحه المطبوع مع فتح الباري (٩/١٤٠) كتاب النكاح، حديث رقم (٥١٠١) . (٤) - سورة الفرقان:٢٣. (٥) - يراجع: فتح الباري (٩/١٤٥) .