ولم تقتصر هذه المعاملة على ما تقدم، فقد ولع بعض الخلفاء العبيديين: كالحافظ مثلاً (٥٢٤-٥٤٤هـ) بزيارة أديرة (١) النصارى، وكان الآمر (٤٩٥- ٥٢٤هـ) يعطي الرهبان (٢) في بعض الأديرة عشرة آلف درهم كلما خرج للصيد، بل قد ازدادت موارد الكنائس (٣) المصرية زيادة عظيمة في عهد العبيديين (٤) .
فقد كان العبيديون يعاملون النصارى معاملة تنطوي على العطف والرعاية والمحاباة، فإذا كان هذا موقفهم من اليهود والنصارى فما موقفهم من أهل السنة؟!
لقد عمل العبيديون على لعن الخلفاء الثلاثة- أبي بكر، وعمر، وعثمان
(١) - أديرة: جمع دير، وهوخان النصارى، وبيت يتعبد فيه الرهبان، ويكون في الصحاري ورؤوس الجبال، وإذا كان داخل المصر فهو كنيسة أو بيعة. يراجع: لسان العرب (٤/٣٠٠، ٣٠١) مادة (دير) ، ومعجم البلدان (٢/٤٩٥) . (٢) - الراهب: المتعبد في الصومعة، وأحد رهبان النصارى، وكانوا يترهبون بالتخلي عن أشغال الدنيا، وترك ملاذها، والزهد فيها. يراجع: لسان العرب (٤/٤٣٧، ٤٣٨) . (٣) - الكنائس: جمع كنيسة، والكنيسة متعبد اليهود أو النصارى أو الكفار. يراجع: القاموس المحيط (٢/٢٥٦) باب السين فصل الكاف. (٤) - يراجع: تاريخ الدولة الفاطمية ص (٢٠٢-٢١٦) .