وتعالى آية تكوين الأسرة، بآية تكوين العالم أجمع، فعقب هذه الآية بقوله جل وعلا:(ومن آياته خلْقُ السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالِمين)(الروم: ٢٢) بل إن الزوجة نعمة من نعم الله على عبده حقيق به أن يشكرها ولا يكفرها، وهو مسئول عن هذه النعمة بين يدي ربه يوم الحساب، كما يسْأل عن سائر النعم: ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا:
(.. فيلقى العبدُ رَبه، فيقول الله:" ألم أكْرِمْكَ، وأُسَوِّدْكَ، وَأزَوِّجْكَ، وَأُسَخرْ لك الخيلَ والإبلَ، وَأذَرْكَ ترْأسُ وَترْبَعْ؟ "، فيقول:" بلى أي رَبِّ "، فيقول:" أفظننتَ أنك مُلاقِيَّ؟ "، فيقول:" لا "، فيقال:" إني أنساك كما نسيتني ") (٥١٥) الحديث.
وعلم بالضرورة من دين الإسلام الترغيب في الزواج والحث عليه (٥١٦) .
عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إذا تزوج العبدُ، فقد استكمل نِصْفَ الدين، فليتق الله فيما بَقِي "(٥١٧) .
قال القرطبي: (ومعنى ذلك أن النكاح يعف عن الزنى، والعفاف أحد الخصلتين اللتين ضَمِن رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهما الجنة، فقال:" من وقاه الله شر اثنتين وَلَجَ الجنة: ما بين لَحْيَيهِ، وما بين رجليه "(٥١٨) خرجه
(٥١٥) رواه مسلم في " صحيحه " (٤/٢٢٨٠) رقم (٢٩٦٩) في الزهد، واللفظ له، والترمذي في " صفة القيامة " رقم (٢٤٢٨) ، والإمام أحمد (٢/٤٩٢) ، (٤/٣٧٨، ٣٧٩) . (٥١٦) انظر: " القسم الثالث" ص (٦١-٦٥) ، و " بدائع الفوائد" (٣/١٩١ -١٩٢) ، وحسبك أن عامة كتب السنة تستفتح كتاب النكاح بالترغيب فيه، والحث عليه. (٥١٧) أخرجه الطبراني في " الأوسط "، وحسنه الألباني في " الصحيحة " رقم (٦٢٥) ، وانظر الحاشية رقم (٥٣٤) . (٥١٨) أخرجه الترمذي (٢/٦٦) رقم (٢٤١١) في الزهد: باب ما جاء في حفظ =