وموسى وعيسى أن أقيموا الدين؛ أن: مصدرية تفيد التّعليل والتّوكيد، والوصية هي: أن أقيموا الدّين، ولم يقل وأقيموا الأديان؛ لأنّ كلّ الرّسل والأنبياء لهم دين واحد وهو الإسلام، وإقامة الدّين تعني: تطبيق أحكامه وامتثال أوامره وتجنب نواهيه. ارجع إلى سورة النساء آية (١١) لبيان معنى وصينا. فالدين واحد، ولكن ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا﴾ [المائدة: ٤٨].
﴿وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ﴾: لا تنقسموا إلى مذاهب وشيعٍ وطرائق، ولم يقل ولا تفرقوا، وإنما تتفرقوا: إضافة التّاء؛ لتدل على الكثرة، كثرة الأمم المخاطبة مثل أمة محمّد وإبراهيم وموسى وعيسى ونوح مقارنة بقوله تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ [آل عمران: ١٠٣] عندما خاطب أمة محمد ﷺ وحدها، ولكونها جزء من الأمم الأخرى ومن أصغرها.
﴿كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ﴾: أي شقّ وعظم على المشركين ما تدعوهم إليه من التّوحيد وإقامة الدّين وترك عبادة الأصنام والإيمان بالبعث والحساب والجزاء.
﴿اللَّهُ يَجْتَبِى إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ﴾: يجتبي: يصطفي إليه من يشاء من عباده من اختار لنفسه طريق الطاعة والإيمان.
﴿وَيَهْدِى إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ﴾: الإنابة سرعة الرّجوع إلى الله والتّوبة؛ أي يوفّق من يشاء بالرّجوع إليه والتّوبة.