يُتَوَهَّمُ ذَلِكَ, ثُمَّ قَالَ، أَلَيْسَ يُقَالُ لِرَجُلٍ مُقَطَّعِ١ الْيَدَيْنِ مِنَ الْمِنْكَبَيْنِ إِذْ هُوَ كَفَرَ بِلِسَانِهِ إِنَّ كُفْرَهُ ذَلِكَ بِمَا كَسَبَتْ يَدَاهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كُفْرُهُ بِيَدَيْهِ.
فَيُقَالُ لِهَذَا الضَّالِ الْمُضِلِّ: أَلَيْسَ قَدْ زَعَمْتَ أَنَّ اللَّهَ لَا يُشَبَّهُ بِشَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ، وَلَا يَتَوَهَّمُ الرَّجُلُ فِي صِفَاتِهِ مَا يَعْقِلُ مِثْلَهُ فِي نَفْسِهِ؟ فَكَيْفَ تُشَبِّهُ اللَّهَ فِي يَدَيْهِ اللَّتَيْنِ خَلَقَ بِهِمَا آدَمَ بِأَقْطَعَ مَجْذُومِ٢ الْيَدَيْنِ مِنَ الْمِنْكَبَيْنِ؟ وَتَتَوَهَّمُ فِي قِيَاسِ يَدَيِ٣ اللَّهِ مَا تعلقه٤ فِي ذَلِكَ الْمَجْذُومِ الْمَقْطُوعِ، وَيَتَوَهَّمُ ذَلِكَ٥؟ فَقَدْ تَوَهَّمْتَ أَقْبَحَ مَا عِبْتَ عَلَى غَيْرِكَ، إِذِ٦ ادَّعَيْتَ أَنَّ اللَّهَ لَا يَدَانِ لَهُ كَالْأَقْطَعِ الْمَقْطُوعِ الْيَدَيْنِ مِنَ الْمِنْكَبَيْنِ، وَيْلَكَ! إِنَّمَا يُقَالُ٧ لِمَنْ كَفَرَ بِلِسَانِهِ وَلَيْسَتْ لَهُ يَدَانِ: ذَلِكَ بِمَا كَسَبَتْ يَدَاهُ مَثَلًا مَعْقُولًا, يُقَالُ ذَلِكَ لِلْأَقْطَعِ وَغَيْرِ الْأَقْطَعِ مِنْ ذَوِي الْأَيْدِي، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُضْرَبُ هَذَا الْمَثَلُ وَلَا يُقَال ذَلِك
١ فِي ط، س، ش "الْمَقْطُوع الْيَدَيْنِ".٢ مجذوم الْيَدَيْنِ أَي مقطوعهما، قَالَ ابْن مَنْظُور فِي لِسَان الْعَرَب إعداد وتصنيف يُوسُف خياط ١/ ٢٤٦ مَادَّة "جذم": "الجذم: الْقطع جذمه يجذمه جذمًا: قطعه فَهُوَ جذيم، قَالَ والجذم سرعَة الْقطع، وَقَالَ: والأجذم الْمَقْطُوع الْيَد، وَقيل، هُوَ الَّذِي ذهبت أنامله" انْتهى بِتَصَرُّف.٣ فِي ط، س، ش "يَد الله".٤ فِي ط، س، ش، "تعلقته".٥ كَذَا فِي الأَصْل وَفِي ط، س، ش "وتتوهم ذَلِك" وَهُوَ أضح.٦ فِي ش، س "إِذا ادعيت".٧ فِي ط، ش "وَتلك إِنَّمَا تقال" وَفِي س "وَتلك إِنَّمَا يُقَال" وَهُوَ بعيد وَمَا فِي الأَصْل أوضح.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute