إِنَّ الرُّقْعَةَ وَكِتَابَةَ الِاسْمِ لَيْسَ كَنَفْسِ الِاسْمِ. إِذَا احْتَرَقَتِ الرُّقْعَةُ احْتَرَقَ الْخَطُّ وَبَقِيَ اسْمُ اللَّهِ لَهُ وَعَلَى لِسَانِ الْكَاتِبِ كَمَا١ لَمْ يَزَلْ قَبْلَ أَنْ يُكْتَبَ، لَمْ تُنْقِصِ النَّارُ مِنَ الِاسْمِ وَلَا مِمَّنْ لَهُ الِاسْمُ شَيْئًا. وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ أَسْمَاءَ الْمَخْلُوقِينَ، لَمْ تُنْقِصِ النَّارُ مِنْ أَسْمَائِهِمْ وَلَا مِنْ أَجْسَامِهِمْ شَيْئًا. وَكَذَلِكَ لَوْ كَتَبْتَ اللَّهَ بِهِجَائِهِ فِي رُقْعَةٍ٢ لَاحْتَرَقَتِ الرُّقْعَةُ وَكَانَ اللَّهُ بِكَمَالِهِ عَلَى عَرْشِهِ. وَكَذَلِكَ لَوْ صُوِّرَ رَجُلٌ فِي رُقْعَةٍ، ثُمَّ أُلْقِيَتْ فِي النَّارِ لَاحْتَرَقَتِ الرُّقْعَةُ، وَلَمْ يَضُرَّ الصُّورَةَ٣ شَيْئًا.
وَكَذَلِكَ الْقُرْآنُ لَوِ احْتَرَقَتِ الْمَصَاحِفُ كُلُّهَا لَمْ يَنْقُصْ مِنْ نَفْسِ الْقُرْآنِ حَرْفٌ وَاحِدٌ, وَكَذَلِكَ لَوِ احْتَرَقَتِ الْقَرَأَةُ٤ كُلُّهُمْ أَوْ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَبَقِيَ الْقُرْآنُ بِكَمَالِهِ كَمَا كَانَ لَمْ يُنْتَقَصْ٥ مِنْهُ حَرْفٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْهُ بَدَأَ وَإِلَيْهِ يَعُودُ عِنْدَ فَنَاءِ الْخَلْقِ بِكَمَالِهِ غَيْرَ مَنْقُوصٍ.
وَقَدْ كَانَ لِإِمَامِهِ٦ الْمَرِيسِيِّ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ مَذْهَبٌ كَمَذْهَبِهِ فِي الْقُرْآنِ.
كَانَ الْقُرْآنُ عِنْدَهُ مَخْلُوقًا مِنْ قَوْلِ الْبَشَرِ لَمْ يَتَكَلَّمِ اللَّهُ بِحَرْفٍ مِنْهُ فِي دَعْوَاهُ، وَكَذَلِكَ أَسْمَاءُ اللَّهِ عِنْدَهُ مِنَ ابْتِدَاعِ الْبَشَرِ مِنْ غير أَن يَقُول الله٧:
١ لفقة "كَمَا" لَيست فِي ط، ش.٢ فِي ط "ثمَّ أحرقت الرقعة لَا حترقت الرقعة" وَفِي ش "ثمَّ احترقت الرقعة" وفيهَا زِيَادَة وضوح.٣ فِي ط، س، ش "وَلم تضر المصور شَيْئا" وَبِه يَسْتَقِيم الْمَعْنى.٤ فِي ط، س، ش "لَو احْتَرَقَ الْقُرَّاء" وَكِلَاهُمَا جَائِز فِي اللُّغَة فهما جمعا كَثْرَة لقارئ.٥ فِي ط، س، ش "لم ينقص".٦ فِي ط، س، ش "لإِمَام المريسي" وَمَا فِي الأَصْل أوضح.٧ لفظ الْجَلالَة لم يرد فِي ط، س، ش.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute