للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وممن حصل الجلاء لعيون التورية بملاطفته، الحكيم شمس الدين بن دانيال، من لطائفه قوله:

يا سائلي عن حرفتي في الورى ... وا ضيعتي فيهم وإفلاسي

ما حال من درهم إنفاقه ... يأخذه من أعين الناس

ومنه قوله:

كم قيل لي إذا دعيت شمسًا ... لا بدَّ للشمس من طلوع

فكأن ذاك الطلوع داء ... يرقى إلى السطح من طلوعي

ومن لطائفه أيضًا قوله:

ما عاينت عيناي في عطلتي ... أقل من حظي ومن بختي

قد بعت عبدي وحماري معًا ... وصرت لا فوقي ولا تحتي٢

ومن لطائفه أيضًا في جارية تضرب بالدف، وأجاد قوله:

ذات القوام الذي يهتز غصن نقا ... لو مر يومًا عليه طائر صدحا

تبدي على الدف كالجمار معصمها ... لنقره ببنان يشبه البلحا

غناؤها برقيق الغنج تمزجه ... فما ينقط إلا كل من رشحا٣

ومن اختراعاته البديعة قوله:

أيا سائلي عن قد محبوبي الذي ... فتنت به وجدًا وهمت غراما

أبي قصر الأغصان ثم رأى القنا ... طوالًا فأضحى بين ذاك قواما

وممن أحيا رسوم التورية وأظهر خفيها، القاضي محيي الدين بن عبد الظاهر، ومن نظمه فيها:

لقد قال كعب في النبي قصيدة ... وقلنا عسى في فضلها نتشارك

فإن شملتنا بالجوائز رحمة ... كرحمة كعب فهو كعب مبارك


١ البخت: الحظ والنصيب.
٢ وصرت لا فوقي ولا تحتي: مثل يقال للذي يكون عنده شيء فيبيعه فيصير معدمًا ويحتاج إلى المعونة.
٣ رشح: سال ببطء، نزّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>