قال أبو الفتح: هذه نُفَعِّلك من الناحية؛ أي: نجعلك في ناحية من كذا، يقال: نَحوْتُ الشيء أنحوه: إذا قصدته، ونَحَّيت الشيء فتنحى: أي باعدته فتباعد فصار في ناحية.
قال رؤبة وهو في جماعة من أصحابه ممن يأخذ عنه، وقد أقبلت عجوز منصرفة عن السوق، وقد ضاق الطريق بها عليهم:
تَنَحَّ للعجوز عن طريقها ... إذ أقبلت رائحةً من سوقها
دعها فما النحويّ من صديقها١
وقال الحطيئة لأمه:
تَنَحَّيْ فاقعدي مِنِّي بعيدا ... أراح الله منك العالمينا٢
وقد استَعملت العرب مصدر نحوت الشيء نحوًا ظرفًا؛ كقولك: زيد نحوك: أي في شِقِّك وناحيتك. وعليه ما أنشده أبو الحسن:
١ يروى: "إذ" مكان "قد". ولعل المخاطب بـ"دعها" رجل من نحو ابن عمرو بن أغلب بن الأزد، وقيل: المخاطب به يونس بن حبيب؛ وذلك أن رؤبة كان يسير ومعه أمه إذ لقيهما يونس، فجعل يداعب والدة رؤبة ويمنعها الطريق. فخاطبه رؤبة بالأبيات. وقيل: الرجز لامرأة من العرب خاطبت به أبا زيد الأنصاري؛ إذ مرت به ومعه أصحابه وقد منعوها الطريق فلم يمكنها أن تجوز. تريد: أن هؤلاء إنما لازموك لصداقتهم، وأنا لست كذلك فدعني أسير. شواهد الشافية: ١٣٨. ٢ يروى: "فاجلسي" مكان "فاقعدي"، و"منا" مكان "منى". وانظر: الديوان: ٢٧٧. ٣ الأماعيز: جمع الأمعز؛ هو ما غلظ من الأرض، والوجه في جمعه الأماعز؛ لكنه زاد الياء للشعر، والمجمرات: جمع المجمر بكسر الميم الثانية وفتحها، والحافر المجمر: الصلب، "بأرجل" بدل من "بمجمرات". ويروى: "وأرجل". روح: جمع أروح وروحاء، ورجل روحاء: في قدمها انبساط واتساع، والمحنبات: التي فيها انحناء وتوتير. ويروى: "مجنبات" بالجيم؛ وهي بمعنى محنبات بالحاء، هيات: يهيت بها؛ أي: يصبح ويدعو: هيت هيت؛ بمعنى أقبلي. الخصائص: ١/ ٣٤، واللسان "نحو، وهيت". ٤ يُروى: "له الذروة العليا" مكان "به المجد أخلاق". وانظر: التاج "أبو"، ولعل "انتمى" تصحيف "انتحى"، فهو متعدٍّ، ومعناه قصد.