قال أبو الفتح: يُورِث ويُورِّث كلاهما منقول من ورِث، فهذا من أورث، وهذا من ورث، فورِث وأورثته كوغِر صدره وأوغرته، وورِث وورَّثته كورِم وورمته. قال الأعشى:
مورِّثةٍ مالًا وفي المجد رفعة ... لِمَا ضاع فيها من قروء نِسائِكا١
وفي كلتا القراءتين هناك المفعولان محذوفان، كأنه قال: يورِث وارثه مالَه، أو يورِّث وارثَه ماله. وقد جاء حذف المفعولين جميعًا، قال الكميت:
بأَيِّ كتاب أَم بأَية سنة ... ترى حُبهم عارًا عليَّ وتحسب٢
فلم يُعدِّ تحسب. و"كلالة" على نصبها في جميع القراءات.
ومن ذلك قراءة الحسن:"غَيْرَ مُضَارِ وَصِيَّةٍ"٣ مضاف.
قال أبو الفتح: أي غير مضار من جهة الوصية، أو عند الوصية، كما قال طرفة:
بَضَّةُ المتجرَّد٤
أي: بضة عند تجردها، وهو كقولك: فلان شجاعُ حربٍ وكريمُ مسألةٍ؛ أي: شجاع عند الحرب، وكريم عند المسألة، وعليه قولهم مِدْره٥ حرب؛ أي: مِدْرَه عند الحرب، فهو راجع إلى معنى قولهم:
يا سارق الليلة أهل الدار٦
ومن ذلك قراءة ابن عباس:"فَاحِشَةٍ مُبِينَةٍ"٧ مكسورة الباء ساكنة الياء، وقال:"بيِّنة".
قال أبو الفتح: يقال: بان الشيء وأبنته، وأبان وأبنته، واستبان واستبنته، وتبين وتبينته.
١ قبله: وفي كل عام أنت جاشم غزوة ... تشد لأقصاها عزائكا ورُوي: "الحمد" مكان "المجد". يمدح هوذة بن علي الحنفي. الديوان: ١٩. الدرر اللوامع: ١/ ١٥٢. ٣ سورة النساء: ١٢. ٤ من قوله في المعلقة: رَحيبٌ قِطاب الجيب منها رفيقة ... بجس الندامى بضة المتجرد قطاب الجيب: مخرج الرأس منه، بضة: بيضاء ناعمة البدن رقيقة الجلد. الديوان: ٤٨. ٥ المدره: المقدم في اللسان، والسيد عند الخصومة. ٦ الكتاب: ١/ ٨٩. ٧ قرأ أبو بكر وابن كثير: "مبينة" بفتح الياء، وقرأ الباقون بالكسر. البحر المحيط: ٣/ ٢٠٤. سورة النساء: ١٩، وقد جاءت الآية كذا في الأصل بحذف الباء من قوله تعالى: "بفاحشة".