اللسان، إِذَا كلمه الرجل ذهب بعقله، فانظروا أناسًا مِنَ أشرافكم المعدودين المعروفة أنسابهم، فابعثوهم في كُلّ طَرِيق مِنْ طرق مكة عَلَى رأس كُلّ ليلة أو ليلتين، فمن جاء يريده فردوه عنه. فخرج ناس منهم في كُلّ طَرِيق، فكان إِذَا أقبل الرجل وافدًا لقومه ينظر مَا يَقُولُ مُحَمَّد فينزل بهم. قالوا لَهُ: أنا فلان ابن فلان. فيعرفه بنسبه ويقول: أنا أخبرك عَنْ مُحَمَّد، فلا يريد إِنَّ يَعْنِي إليه، هُوَ رجل كذاب، لَمْ يتبعه عَلَى أمره إلا السفهاء والعبيد ومن لا خير فيه. وأما شيوخ قَوْمِهِ وخيارهم، فمفارقون لَهُ فيرجع أحدهم. فذلك قوله: وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ فإذا كَانَ الوافد ممن عزم الله لَهُ عَلَى الرشاد فقالوا لَهُ مثل ذَلِكَ في مُحَمَّد، قَالَ: بئس الوافد أنا لقومي إِنَّ كنت جئت، حتى إِذَا بلغت إلا مسيرة يَوْم، رجعت قبل إِنَّ ألقى هَذَا الرجل وأنظر مَا يَقُولُ: وآتي قومي ببيان أمره، فيدخل مكة فيلقى المؤمنين فيسألهم: ماذا يَقُولُ مُحَمَّد؟ فيقولون:(خَيْرًا ... لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ) . يَقُولُ: قَالَ (وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ) وهي الْجَنَّة «١» .
١٢٥٠٤ - عَنْ قَتَادَة في الآية قَالَ: إِنَّ أناسًا مِنْ مشركي العَرَب كانوا يقعدون بطريق مِنَ أتى نَبِيّ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإذا مروا سألوهم فأخبروهم بما سمعوا مِنَ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالوا إنما هُوَ أساطير الأولين «٢» .