على غيرهم، لأن إيمانهم العميق يجعل منهم مقاتلين أشداء من الطراز الرفيع.
عند مسيرة خالد بن الوليد - رضي الله عنه - من العراق إلى أرض الشام، أمر أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - أن يأخذ معه نصف الناس، ويستخلف على النصف الآخر المثنى بن حارثة الشيباني - رضي الله عنه -.
وأحضر خالد أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (الذين كانوا معه)، واستأثر بهم لنفسه تاركاً للمثنى مثل عددهم ممن لم يكن له مع الرسول القائد عليه أفضل الصلاة والسلام صحبة، واستأثر أيضاً لنفسه بمن كان قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وافداً، تاركاً للمثنى مثل عددهم من أهل القناعة، ثم قسّم سائر الجند قسمين. فلما رأى المثنى صنع خالد غضب وقال:"والله لا أُقيم إلا على إنفاذ أمر أبي بكر! وبالله ما أرجو النصر إلا بأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - "، فلما رأى خالد ذلك أرضاه (١).
لقد أمدّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصحابه بنفحة منه، وكان دائماً أُسوة حسنة لهم، يقتفون آثاره ويهتدون بهديه ولا يحيدون عن تعاليمه أبداً، فكانوا يتسابقون إلى الموت ويحرصون على الاستشهاد (٢).
لم يرضَ أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - أن يستعين قادة الفتح بالمرتدين، ولكن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أمر باستنفار من حسن إسلامه من أهل الردّة (٣)، وقد برز من الذين ارتدوا رجال أثبتوا إخلاصهم وكفايتهم مثل طليحة الأسدي، إلا أن عمر أبقاهم جنوداً في
(١) الطبري ٢/ ٦٠٥، وابن الأثير ٢/ ١٥٦، واليعقوبي ٢/ ١١٢. (٢) الفاروق القائد ٩٧. (٣) ابن الأثير ٢/ ١٦٦.