آبائك وأجدادك إلى دين محمد؟! والله لا أحلك أبداً حتى تدع ما أنت عليه"، فقال عثمان: "والله لا أدعه أبداً ولا أفارقه". وقيل: عذّبه عمه بالدخان ليرجع، فما رجع (١).
وعندما أسلم الزبير بن العوام - رضي الله عنه -، علقه عمه في حصير ودخّن عليه ليرجع إلى الكفر، فكان يقول: "لا أكفر أبداً" (٢).
ولاقى سعد بن أبي وقاص معارضة شديدة لإسلامه حتى من أمه! قال سعد: "كنت رجلاً برّاً بأمي، فلما أسلمت قالت: يا سعد! ما هذا الذي أحدثت؟! لتدعنّ دينك أو لا آكل ولا أشرب حتى أموت، فَتُعيَّرَ بي! فقلت لها: لا تفعلي يا أماه، فإني لا أدع ديني! فمكثت يوماً وليلة لا تأكل ولا تشرب، فأصبحت وقد جهدت. فقلت لها: والله لو كان لك ألف نفس، فخرجت نفساً نفساً ما تركت هذا الشيء! فلما رأت ذلك مني، أكلت وشربت، فأنزل الله:{وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}(٣) ... " (٤).
[٢ - في الحبشة]
ولما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يصيب أصحابه من البلاء قال لهم:
(١) السيرة الحلبية ١/ ٣١٢. (٢) الإصابة (٣/ ٥)، وحلية الأولياء (١/ ٨٩)، وصفة الصفوة (١/ ١٣٢). (٣) الآية الكريمة من سورة لقمان: [٣١: ١٥]، انظر تفسيرها في: تفسير البغوي (٦/ ٤٥٨)، وتفسير الكشاف (٢/ ٤١٣)، وانظر شرح النووي على صحيح مسلم (٥/ ١٩٥). (٤) طبقات ابن سعد (٤/ ١٢٤)، وأسد الغابة (٢/ ٢٩٢).