ومنا الذي٢ اختير الرجال سماحةً ... وجوداً إذا هب الرياح الزعازع
أي من الرجال. فهذا الكلام الفصيح.
وتقول العرب: أقمت ثلاثاً ما أذوقهن طعاماً ولا شراباً، أي ما أذوق فيهن، وقال الشاعر:
ويوماً شهدناه سليماً وعامراً ... قليلاً سوى الطعن النهال نوافله٣
قال أبو الحسن: قوله: "لم يغرض"، أي لم يشتق، يقال: غرضت إلى لقائك، وحننت إلى لقائك، وعطشت إلى لقائك، وجعت إلى لقائك أي إشتقت، أخبرنا بذلك أبو العباس أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي، وأنشدنا عنه:
من ذا رسولٌ ناصحٌ فمبلغٌ ... عني علية غير قول الكاذب
أني غرضت إلى تناصف وجهها ... غرض المحب إلى الحبيب الغائب
التناصف: الحسن.
وأما قوله:"لقضاني" فإنما يريد: لقضى علي الموت، كما قال الله عز وجل:{فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ} ٤، فالموت في النية، وهو معلوم بمنزلة ما نطقت به، فلهذا ناسب قوله عز وجل:{وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ} ، وكذلك قوله:{كَالُوهُمْ} فالشىء المكيل معلوم، فهو بمنزلة ما ذكر في اللفظ، ولا يجوز: مررت زيداً وأنت تريد: مررت بزيد، لأنه لا يعتدى إلا بحرف جر، وذلك أن فعل الفاعل في نفسه، وليس فيه د ليل على المفعول نفسه، وليس هذا بمنزلة ما يتعدى إلى
١ ر، س: "ومن ذا". ٢ س: "ومنا"، وعلى رواية الأصل في البيت خرم. ٣ البيت أورده سيبوية في الكتاب٩٠: ١، قال الأعلم في شرحه: "النوافل هنا الغنائم، يقول: يوم لم نضم فيه إلا النفوس لما أوليناهم من كثرة الطعن، والنهال المرتوية بالدم، وأصل النهل أول الشرب، والطعن هنا: جمع طعنة" ٤ سورة سبأ١٤.