ديار من بني الحسحاس قفر … تعفيها الروامس والسماء
وكانت لا يزال بها أنيس … خلال مروجها نعم وشاء
فدع هذا ولكن من لطيف … يؤرقني إذا ذهب العشاء
لشعثاء التي قد تيمته … فليس لقلبه منها شفاء (١)
كأن خبيئة من بيت رأس … يكون مزاجها عسل وماء (٢)
إذا ما الأشربات ذكرن يوما … فهن لطيب الراح الفداء
نوليها الملامة إن ألمنا … إذا ما كان مغت أو لخاء (٣)
ونشر بها فتتركنا ملوكا … وأسدا ما ينهنها اللقاء
عدمنا خيلنا إن لم تروها … تشير النقع موعدها كداء
ينازعن الأعنة مصغيات … على أكتافها الأسل الظماء
تظل جيادنا متمطرات … يلطمهن بالخمر النساء
فإما تعرضوا عنا اعتمرنا … وكان الفتح وانكشف الغطاء
وإلا فاصبروا لجلاد يوم … يعز (٤) الله فيه من يشاء
وجبريل رسول الله فينا … وروح القدس ليس له كفاء
وقال الله قد أرسلت عبدا … يقول الحق إن نفع البلاء
شهدت به فقوموا (٥) صدقوه … فقلتم لا نقوم ولا نشاء
وقال الله قد سيرت جندا … هم الأنصار عرضتها اللقاء
لنا في كل يوم من معد … سباب أو قتال أو هجاء
فنحكم بالقوافي من هجانا … ونضرب حين تختلط الدماء
ألا أبلغ أبا سفيان عني … مغلغلة فقد برح الخفاء
بأن سيوفنا تركتك عبدا … وعبد الدار سادتها الإماء (٦)
هجوت محمدا فأجبت عنه … وعند الله في ذاك الجزاء
(١) شعثاء هي بنت سلام بن مشكم اليهودي كما في السهيلي، وقيل هي امرأة من خزاعة قاله ابن الأعرابي.
(٢) بيت رأس: موضع بالأرض مشهور بالخمر الجيدة، وبعده في ديوانه:
على أنيابها أو طعم غض … من التفاح هصره اجتناء
(٣) المنا: فعلنا ما نستحق عليه اللوم. والمغت: الضرب باليد، اللحاء: السباب.
(٤) وفي رواية: بعين الله.
(٥) في الديوان: وقومي.
(٦) البيت في الديوان وروايته فيه:
ألا أبلغ أبا سفيان عني … فأنت مجوف نخب هواء