خرج صفوان بن أمية يريد جدة ليركب منها إلى اليمن، فقال عمير بن وهب: يا نبي الله إن صفوان بن أمية سيد قومه، وقد خرج هاربا منك ليقذف نفسه في البحر، فأمنه يا رسول الله صلى الله عليك فقال " هو آمن " فقال يا رسول الله فاعطني آية يعرف بها أمانك؟ فأعطاه رسول الله ﷺ عمامته التي دخل فيها مكة، فخرج بها عمير حتى أدركه وهو يريد أن يركب في البحر فقال: يا صفوان فداك أبي وأمي الله الله في نفسك أن تهلكها، هذا أمان من رسول الله ﷺ وقد جئتك به، قال: ويلك أعزب عني فلا تكلمني قال: أي صفوان، فداك أبي وأمي أفضل الناس وأبر الناس، وأحلم الناس وخير الناس ابن عمك عزه عزك وشرفه شرفك وملكه ملكك؟ قال: إني أخافه على نفسي، قال: هو أحلم من ذلك وأكرم. فرجع معه، حتى وقف على رسول الله ﷺ فقال صفوان: إن هذا يزعم أنك قد أمنتني؟ قال " صدق " قال فاجعلني بالخيار فيه شهرين؟ قال " أنت بالخيار أربعة أشهر " ثم حكى ابن إسحاق عن الزهري: أن فاختة بنت الوليد، امرأة صفوان وأم حكيم بنت الحارث بن هشام، امرأة عكرمة بن أبي جهل وقد ذهبت وراءه إلى اليمن فاسترجعته فأسلم، فلما أسلما أقرهما رسول الله ﷺ تحتهما بالنكاح الأول. قال ابن إسحاق: وحدثني سعيد بن عبد الرحمن بن حسان بن ثابت قال: رمى حسان بن الزبعرى وهو بنجران ببيت واحد ما زاد عليه:
لا تعد من رجلا أحلك بغضه … نجران في عيش أحذ لئيم (١)
فلما بلغ ذلك ابن الزبعري خرج إلى رسول الله ﷺ فأسلم وقال حين أسلم:
يا رسول المليك إن لساني … راتق ما فتقت إذ أنا بور
إذ أباري الشيطان في سنن الغيي … ومن مال ميله مثبور (٢)
آمن اللحم والعظام لربي … ثم قلبي الشهيد أنت النذير
إنني عنك زاجر ثم حيا … من لؤي وكلهم مغرور
قال ابن إسحاق: وقال عبد الله بن الزبعري أيضا حين أسلم:
منع الرقاد بلابل وهموم … والليل معتلج الرواق بهيم
مما أتاني. أن احمد لامني … فيه فبت كأنني محموم
يا خير من حملت على أوصالها … عيرانة سرح اليدين غشوم (٣)
إني لمعتذر إليك من الذي … أسديت إذ أنا في الضلال أهيم
(١) أحذ: المنقطع القليل. وقد يكون معناه: عيش لئيم جدا (شرح أبي ذر). (٢) مغرور وتروى مثبور أي هالك. (٣) عيرانة: الناقة الشديدة والنشيطة والتي تشبه العير في نشاطه.