من غرائب الأمور أن الشاطبي الذي أنكر على الرازي ورد عليه -والأمر على ما رأينا- لم يتعرض لموقف ابن حزم، ولم يتصد لمناقشة حججه وآرائه، مع أن كل الأسباب تدعو لذلك:
١- فابن حزم هو الذي يستحق تمامًا أن تقال عنه العبارة التي قالها الشاطبي عن الرازي وهي:"وزعم الرازي أن أحكام الله ليست معللة بعلة البتة، كما أن أفعاله كذلك". فابن حزم هو الذي خصص بابا كاملًا من كتابه "الإحكام" لهدم فكرة التعليل. وقال في عنوانه:"الباب التاسع والثلاثون في إبطال القول بالعلل في جميع أحكام الدين" وهو ينسب هذا الإنكار التام إلى جميع الظاهرية قبله: "وقال أبو سليمان١ وجميع أصحابه رضي الله عنهم: لا يفعل الله شيئًا من الأحكام وغيرها، لعلة أصلًا بوجه من الوجوه.
قال أبو محمد: وهذا هو ديننا الذي ندين الله تعالى به، وندعو عباد الله تعالى إليه، ونقطع على أنه الحق عند الله تعالى"٢.
١ هو أبو سليمان البغدادي الأصبهاني، داود بن علي الظاهري، الإمام الأول للظاهرية "٢٢٠-٢٧٠". ٢ الإحكام في أصول الأحكام، ٨/ ٧٧.