فأوجبت الآية الرد بعرض ما يشكل على نصوص الكتاب والسنة.
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ بن جبل حينما بعثه إلى اليمن: «كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟ قال: أقضي بكتاب الله، قال: فإن لم تجد في كتاب الله، قال: فبسنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فإن لم تجد في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا في كتاب الله قال: أجتهد رأيي ولا آلو، فضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على صدره وقال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله (٢)».
فالاجتهاد مطلب شرعي عمل به أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حياته وبعد مماته وقد ذكر ابن القيم (٣) طرفا من اجتهادات الصحابة التي علمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأقرهم عليها، والأحكام التي قاسوها على نظائرها في كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وفي هذا يقول:[فالصحابة - رضي الله عنهم - مثلوا الوقائع بنظائرها وشبهوها بأمثالها، وردوا بعضها إلى بعض في أحكامها وفتحوا للعلماء باب الاجتهاد ونهجوا لهم طريقه، وبينوا لهم سبيله](٤).
(١) سورة النساء الآية ٥٩ (٢) أخرجه أبو داود في كتاب الأقضية، باب اجتهاد الرأي في القضاء جـ ٢ ص ٢٧٢ وابن حزم في كتاب إبطال القياس والرأي ص ١٤ وما بعدها يطعن في صحته. (٣) في كتابه إعلام الموقعين جـ ١ ص ٢٢٢ - ٢٣٩. (٤) إعلام الموقعين جـ ١ ص ٢٣٨.