فجعل ما فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مما نزل به الوحي، مع أنه لم ينزل بلفظه في القرآن الكريم الذي هو وحي متلو.
وذلك أن الوحي نوعان:
أحدها: وحي متلو، وهو القرآن المنزل على محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلفظه ومعناه، وهو المتعبد بتلاوته.
والثاني: وحي غير متلو، وهو المروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - المبين عن الله - عز وجل- (١).
فقد قلد الله تعالى نبيه - صلى الله عليه وسلم - أمانة التبليغ والبيان فقال:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}(٢)، وقال تعالى:{وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}(٣).
ومما يدل على أن السنة بمثابة القرآن في هذا: أن الله تعالى امتن على المؤمنين ببعثة محمد - صلى الله عليه وسلم -، ليعلم الناس الكتاب والحكمة فقال:{لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}(٤).
(١) انظر: الإحكام في أصول الأحكام، لابن حزم: ١/ ٨٧ - ٩٣، حجية السنة ص (٣٣٤ - ٣٤١). (٢) سورة النحل الآية ٤٤ (٣) سورة النحل الآية ٦٤ (٤) سورة آل عمران الآية ١٦٤