وقد يكون البكاء عند قراءة القرآن والمرء في صلاة، فهل يفسد البكاء الصلاة؟
قال ابن بطال:" أجاز العلماء (١) البكاء في الصلاة من خوف الله عز وجل، واحتجوا بحديث عائشة وبفعل عمر.
وقال أشهب: قال مالك: قرأ عمر بن عبد العزيز في الصلاة، فلما بلغ (فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى)(٢) خنقته العبرة، فسكت، ثم قرأ، فنابه ذلك، ثم قرأ، فنابه ذلك، وتركها، وقرأ:(وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ)(٣)
واختلفوا في الأنين والتأوه (٤) ، فقال ابن المبارك: "إذا كان غالبا فلا بأس به " (٥) .
وقال الشافعي (٦) وأبو ثور (٧) : "لا بأس به إلا أن يكون كلاما مفهوما".
(١) قال الكاساني من الحنفية: " ولو أنّ في صلاته أو بكى فارتفع بكاؤه فأن كان ذلك من ذكر الجنة والنار لا تفسد الصلاة" بدائع الصنائع ١/٢٣٥. وقال القيرواني في الفواكه الدواني: " الأنين لوجع في الصلاة المذهب عدم بطلان الصلاة به ومثله البكاء إذا كان بلا صوت حصل اختيارا أو غلبة كان لتخشع أو لا إلا أن يكثر"١/٢٣٣ وينظر حاشية الدسوقي ١/٢٨٤. وذهب الشافعية إلى أنه" إن تكلم في صلاته أو قهقه فيها أو شهق بالبكاء وهو ذاكر للصلاة عالم بالتحريم بطلت صلاته" المجموع ٤/٧٧. وذهب الحنابلة إلى " أن البكاء والأنين والتأوه إن كان مغلوبا عليه لم يؤثر، وما كان غير ذلك فإن كان بغير خشية الله أفسد الصلاة" الشرح الكبير١/٣٣٦ (٢) سورة الليل آية١٤ (٣) سورة الطارق والأثر نقله عن مالك ابن رشد في البيان والتحصيل ١/٤٧٩ (٤) التأوه كلمة تقال عند الشكاية أو التوجع آآه. النهاية في غريب الحديث ١/٨٢ (٥) عزاه لم ابن المنذر في الأوسط ٣/٢٥٧ا (٦) المجموع ٤/٧٩ (٧) عزاه له ابن المنذر٣/٢٥٧ا