ودلالة الحديث باقية لا ترد بما ذكروه، ولا يحل لأحد أن يقابل هذه الكلمة الجامعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم الكلية وهي قوله:"كل بدعة ضلالة" بسلب عمومها وهو أن يقال: ليست كل بدعة ضلالة ـ فإن هذا إلى مشاقه الرسول صلى الله عليه وسلم أقرب منه إلى التأويل ١.
ـ وفيه من المفاسد أشياء:
أـ سقوط الاعتماد على هذا الحديث، فإن المنهي عنه علم حكمه بذلك التخصيص.
ب ـ إن اسم البدعة يكون عديم التأثير.
ج ـ ليس كل بدعة جاء عنها نهي خاص، وليس كل ما جاء فيه نهي خاصة بدعة، فالتكلم بأحد الاسمين وإرادة الآخر تلبيس وتدليس.
د ـ مساواة البدعة بالمعاصي والحقيقة أن البدعة شر من المعاصي ٢.
كما قال سفيان الثوري:" البدعة أحب إلى إبليس من المعصية، فإن المعصية يتاب منها، والبدعة لا يتاب منها " ٣.
وبهذا يبطل استدلال من قال بتحسين البدعة، ولا سيما أن الأدلة الواردة في ذم البدع واضحة الدلالة من وجوه: ١ ـ أنها جاءت مطلقة عامة على كثرتها ولم يقع فيها استثناء البتة، ولم يأت فيها ما يقتضي أن من البدع ما هو هدى، فلو كان هنالك بدعة
١ انظر: اقتضاء الصراط المستقيم (٢/٥٨٣ـ٥٨٨) . ٢ انظر: اقتضاء الصراط المستقيم (١/٥٨٦) ، والبدعة وأثرها السيئ في الأمة (٣٢) . ٣ مجموع الفتاوى لابن تيمية (١١/٤٧٢) .