والحروف المقطعة ليست هي موضوع البحث هنا فلا يناسبها الاستطراد والإطالة في البحث كما تبين لنا آنفًا.
وممن أجمل أقوال العلماء في المسألة (الزركشي)، فقال: اختلف الناس في الحروف المقطعة في أوائل السور، وأنها على قولين:
أحدهما: أن هذا علم مستور، وسر محجوب استأثر الله به.
القول الثاني: أن المراد منها معلوم، وذكروا فيه ما يزيد على عشرين وجهًا؛ منها البعيد ومنها القريب (١).
وقد تعددت أقوال المفسرين في تفسير هذه الحروف حتى وصل بها الحافظ ابن حجر -رحمه الله- إلى ثلاثين قولًا (٢).
ولهذا رُوِي عن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- أنه قال:«في كل كتاب سر، وسر الله في القرآن أوائل السور»(٣).
ورُوِي عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنه قال: «إن لكل كتاب صفوة، وصفوة
(١) ينظر: تفصيل هذا والعشرين وجهًا في البرهان (١/ ١٧٣ - ١٧٧). (٢) ينظر: فتح الباري شرح صحيح البخاري، للحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (٨/ ٥٥٤)، ط دار المعرفة -بيروت-، بتحقيق: محب الدين الخطيب. (٣) - لم أجد هذا الأثر عن أبي بكر -رضي الله عنه- مسندًا، ولكن ذكره أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد بن الجوزي في زاد المسير في علم التفسير (١/ ٢٠)، ط المكتب الإسلامي -بيروت- الثانية (١٤٠٤ هـ)، والرازي في مفاتيح الغيب (٢/ ٢٤٩)، وأبو حيان في البحر المحيط (١/ ١٥٧)، وأبو السعود محمد بن محمد العمادي في إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الحكيم (١/ ٢١)، ط دار إحياء التراث- بيروت.