وإما بالتذليل، وهو تعقيب الجملة بجملة١ تشتمل٢ على معناها٣ للتوكيد٤:
وهو ضربان:
١- ضرب لا يخرج مخرج المثل لعدم استقلاله بإفادة.
١ أي بجملة أخرىلا محل لها من الإعراب. ٢ أي تلك الجملة المعقب بها. ٣ أي على معنى الجملة الأولى ولو مع الزيادة فالمراد باشتمالها على معناها إفادتها بفحواها لما هو المقصود من الأولى، وليس المراد إفادتها لنفس معنى الأولى بالمطابقة وإلا كان ذلك تكرارا فلا بد أن يقع: {كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُون} فلا يكون ذلك تذليلا، فإن قوله: {ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا} مضمونه أن آل سبأ جزاهم الله بكفرهم، ومعلوم أن الجزاء بالكفر عقاب كما دلت عليه القصة ومضمون قوله تعالى: {وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ} ذلك العقاب المخصوص لا يقع إلا للكفور ولكن اختلاف مفهومها لا يمنع تأكيد أحدهما بالأخرى للزوم بينهما معنى. ٤ أي بقصد التقوية بتلك الجملة الثانية عند اقتضاء المقام للتوكيد فالتذليل أعم من الإيغال عموما وهما يجتمعان فيما يكون في ختم الكلام لنكتة التأكيد بجملة كما في: {ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ} الآية، فهذا إيغال من جهة أنه ختم الكلام بما فيه نكتة يتم المعنى بدونها، وتذييل من جهة أنه تعقيب الجملة بأخرى تشتمل على معناها للتأكيد، وينفرد بالإيغال فيما يكون بغير جملة وفيما هو لغير التأكيد سواء كان بجملة أم بمفرد كما في قوله: "لم يثقب" وينفرد التذييل فيما يكون في غير ختم الكلام بجملة كقولك: مدحت زيدا، أثنيت عليه بما فيه فأحسن إلي. فالتذليل يكون في آخر الكلام وغير آخر الكلام بخلاف الإيغال فإنه لا يكون إلا في الآخر، والإيغال قد يكون بغير الجملة أما التذليل فلا يكون إلا بالجملة وللتوكيد.