ولهما عن ابن عمر رضي الله عنهما; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إن من البيان لسحرا "١.
قوله: "إن من البيان": "إن": حرف توكيد، ينصب الاسم ويرفع الخبر، و "من": يحتمل أن تكون للتبعيض، ويحتمل أن تكون لبيان الجنس; فعلى الأول يكون المعنى: إن بعض البيان سحر وبعضه ليس بسحر، وعلى الثاني يكون المعنى: إن جنس البيان كله سحر. قوله: "لسحرا": اللام للتوكيد، و "سحرا": اسم إن. والبيان: هو الفصاحة والبلاغة، وهو من نعمة الله على الإنسان، قال تعالى: {خَلَقَ الأِنْسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} ٢. والبيان نوعان: الأول: بيان لا بد منه، وهذا يشترك فيه جميع الناس فكل إنسان إذا جاع قال: إني جعت، وإذا عطش قال: إني عطشت، وهكذا. الثاني: بيان بمعنى الفصاحة التامة التي تسبي العقول وتغير الأفكار، وهي التي قال فيها الرسول صلى الله عليه وسلم " إن من البيان لسحرا "٣. وعلى هذا التقسيم تكون "من" للتبعيض; أي: بعض البيان - وهو البيان الكامل الذي هو الفصاحة - سحر. أما إذا جعلنا البيان بمعنى الفصاحة فقط; صارت "من" لبيان الجنس. ووجه كون البيان سحرا: أنه يأخذ بلب السامع، فيصرفه أو يعطفه، فيظن السامع أن الباطل حق لقوة تأثير المتكلم، فينصرف إليه، ولهذا إذا