ونظير هذا الحديث قد تقدَّم "لما فَرَغَ اللهُ من خَلْقه استوى على عَرْشه واسْتلقى ووضع إحدى رجليه على الأخرى"(١) وقد حملناه على ظاهره وقد تقدم الكلام فيه.
فإن قيل: قوله "ملأ العرش" معناه عَظَمةً ورفعةً ونعمًا.
قيل: هذا غلط، لأنَّه إنْ جاز تَأْويله على هذا، جَاز تأويل العُلو على العَرش على هذه المعاني، بمعنى عَلَا عليه عظمته ورفعته وعزَّته ونعماه.
وجَواب آخر: وهو أن هذه الصِّفات التي ذكروها مُحْدَثَة، وقد قالوا: لا يَعْلُوا على العرش مُحْدث، فلا يعمُّ حمل الخبر على ذلك.
وجَواب آخر: وهو أن عظمتَه ونعماه عامة في سائر المواضع، فلا معنى لتخصيص العرش بذلك.
فإن قيل: قوله هكذا أراد بِه التَّجبُّر والعَظَمة التي لا تجوز لغيره.
قيل: هذا غَلَط، "لأنَّه" موصوف بالتَّجبُّر والعَظَمة في كلِّ حالٍ، فلا فائدة في تخصيص هذه الصِّفة بذلك (٢).
* * *
(١) تقدم في (ص ١٨٧) وهو حديث منكر. (٢) انظر هذه التأويلات في مشكل ابن فورك (ص ١٥٣).