يَعْنِي بِالرُّؤْيَا: مَا رَآهُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ، فَأَخْبَرَ بِذَلِكَ فَارْتَدَّ بِهِ قَوَّمٌ، وَقَالُوا: كَيْفَ يَذْهَبُ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ ثُمَّ يَصْعَدُ إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ يَهْبِطُ إِلَى الْأَرْضِ فِي لَيْلَةٍ، وَتَوَهَّمُوا أَنَّهُ ادَّعَى الْإِسْرَاءَ بِجِسْمِهِ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِمَّنْ صَدَّقَ بِذَلِكَ، وَحَاجَّ فِيهِ فَسُمِّيَ الصِّدِّيقَ.
قَالُوا: وَقَدْ قَالَتْ إِحْدَى أَزْوَاجِهِ فِي لَيْلَةِ الْإِسْرَاءِ: إِنَّا مَا فَقَدْنَا جِسْمَهُ.
وَحَدَّثَنَا أَبُو الْخطاب قَالَ: حَدثنَا مَالك بن سعيد قَالَ: حَدثنَا الْأَعْمَشُ قَالَ: سَمِعْتُ الْوَلِيدَ بْنَ الْعَيْزَارِ، يَذْكُرُ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ} ١، قَالَ: رَأَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي صُورَتِهِ وَلَهُ سَبْعُمِائَةُ٢ جَنَاحٍ.
قَالُوا: وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا، حَدِيثٌ رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ أُمِّ الطُّفَيْلِ، امْرَأَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ: "أَنَّهُ رَأَى رَبَّهُ فِي الْمَنَامِ فِي صُورَةِ شَابٍّ مُوَفَّرٍ فِي خُضْرَةٍ، عَلَى فِرَاشِهِ فِرَاشٌ مِنْ ذَهَبٍ، فِي رِجْلَيْهِ نَعْلَانِ مِنْ ذَهَبٍ"٣.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ:
وَنَحْنُ لَمْ نَذْكُرْ قَوْلَ مَنْ تَأَوَّلَ هَذَا التَّأْوِيلَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، أَنَّنَا رَأَيْنَاهُ صَوَابًا، وَإِنَّمَا ذَكَرْنَاهُ لِيُعْلَمَ أَنَّ الْحَدِيثَ قَدْ تَأَوَّلَهُ قَوْمٌ، وَاحْتَجُّوا لَهُ بِهَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا.
وَكَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ كَمَا تَأَوَّلُوا، وَاللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ يَقُولُ: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا} ٤ الْآيَة؟
١ الْآيَة: ٢٣ من سُورَة التكوير.٢ وَفِي الدمشقية: "تِسْعمائَة".٣ انْظُر الحَدِيث فِي "اللآلئ" ١/ ٢٨ - ٣١، والْحَدِيث مَوْضُوع كَمَا قَالَ ذَلِك الْأَئِمَّة الثِّقَات، وَسُئِلَ الإِمَام أَحْمد عَن هَذَا الحَدِيث، فَقَالَ: مُنكر.٤ الْآيَة: ١ من سُورَة الْإِسْرَاء.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute