قَالُوا١: فَمَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا بَعْدَ لُوطٍ، إِلَّا فِي ثَرْوَةٍ٢ مِنْ قَوْمِهِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: "لَوْ دُعِيتُ إِلَى مَا دُعِيَ إِلَيْهِ يُوسُفُ لَأَجَبْتُ"، يَعْنِي حِينَ دُعِيَ لِلْإِطْلَاقِ مِنَ الْحَبْسِ، بَعْدَ الْغَمِّ الطَّوِيلِ، فَقَالَ لِلرَّسُولِ: {ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ} ٣ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنَ الْحَبْسِ فِي وَقْتِهِ يَصِفُهُ بِالْأَنَاةِ وَالصَّبْرِ.
وَقَالَ: "لَوْ كُنْتُ مَكَانَهُ، ثُمَّ دُعِيتُ إِلَى مَا دُعِيَ إِلَيْهِ مِنَ الْخُرُوجِ إِلَى الْحَبْسِ، لَأَجَبْتُ، وَلَمْ أَتَلَبَّثُ ".
وَهَذَا أَيْضًا جِنْسٌ مِنْ تَوَاضُعِهِ، لَا أَنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ، لَوْ كَانَ مَكَانَ يُوسُفَ فَبَادَرَ وَخَرَجَ، أَوْ عَلَى يُوسُفَ لَوْ خَرَجَ مِنَ الْحَبْسِ مَعَ الرَّسُولِ، نَقْصٌ وَلَا إِثْمٌ.
وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَسْتَثْقِلُ مِحْنَةَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ فَيُبَادِرُ وَيَتَعَجَّلُ، وَلَكِنَّهُ كَانَ صَابِرًا محتسبًا.
١ أَي: أَئِمَّة فقه الحَدِيث.٢ كَثْرَة عدد وَقُوَّة شكيمة.٣ سُورَة يُوسُف: الْآيَة ٥٠.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute