هذه الأعمال لا تتم إلا بإذن الله وإرادته (١)، لأن كل شيء خاضع له وحده (٢).
وعندما نرى مجتمعا منقسما منذ القدم تأكله الأحقاد والحروب الداخلية، يصبح بين يوم وليلة مجموعة من الإخوة المتحابين في الله .. هذا التحول المفاجيء في نفوس الناس لا يرجع بطبيعة الحال إلى عمل بشري، بل ولا يمكن أن يتحقق لو اجتمعت من أجله قوى الأرض جميعا .. إن من يملك القلوب وحده هو الذي يستطيع أن يجعلها هكذا (٣). وعندما ينتصر الإيمان في النهاية على الكفر والإشراك، وعندما ينتصر الضعيف المستكين على القوي المتجبر لا يتم هذا بإشارة من الرسول صلى الله عليه وسلم ولا بشجاعة المؤمنين الذين تفانوا في حرب أعدائهم، إذ أن الله وحده هو الذي قتلهم (٤).
ومن أول القرآن لآخره نجد نفس التفسير للمعجزات التي تمت على أيدي الرسل والأنبياء ومنهم محمد صلى الله عليه وسلم. فسواء أكانت المعجزة تلاوة قصة عن أحد العصور القديمة (٥)، أو كانت تنبؤا بحادث مستقبل (٦)، أو كانت كشف سر في قضية، وإيجاد نص للحكم العادل للنطق به (٧). فلا فضل في كل ذلك لفرط ذكاء الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا لسعة معارفه الإنسانية، وإنما الفضل أولا وأخيرا لتدخل كريم ورحيم من جانب الله تعالى، الذي هو المصدر الحقيقي لكل خلق ولكل علم ولكل خير.