وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:«إن قلوب بني آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن، كقلب واحد يصرفه حيث يشاء» ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك»(١)، (معنى الحديث أنه سبحانه وتعالى متصرف في قلوب عباده وغيرها كيف شاء، لا يمتنع عليه منها شيء ولا يفوته ما أراده)(٢).
[المرتبة الرابعة: الخلق والتكوين]
وهو أن الله سبحانه وتعالى هو الخالق الموجد لجميع الأشياء، من ذوات وصفات وأفعال، ومن ذلك أفعال العباد. والأدلة على هذه المرتبة كثيرة منها قوله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (٩٦)} [الصافات: ٩٦]، (أي خلقكم وخلق أعمالكم)(٣).
وقال تعالى: {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (١٦) أَنْزَلَ مِنَ} [الرعد: ١٦]، (قال الزجاج: والمعنى أنه خالق كل شيء مما يصح أن يكون مخلوقاً)(٤).
وقال تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (٦٢)} [الزمر: ٦٢]، (هذه العبارة وما أشبهها، مما هو كثير في القرآن، تدل على أن جميع الأشياء - غير الله وأسمائه وصفاته- مخلوقة)(٥).
عن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله يصنع كل صانع وصنعته»(٦)، (وتلا بعضهم عند ذلك {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (٩٦)} [الصافات: ٩٦]، فأخبر أن الصناعات وأهلها مخلوقة) (٧). (٨)
(١) رواه مسلم: كتاب القدر، باب تصريف الله القلوب كيف يشاء (١٦/ ٢٠٣ - شرح النووي). (٢) شرح النووي على مسلم (١٦/ ٢٠٣). (٣) فتح القدير (٤/ ٤٠٢). (٤) فتح القدير (٢/ ٧٤). (٥) تفسير ابن سعدي (٦/ ٤٨٩). (٦) حديث صحيح، أخرجه البخاري، في كتاب خلق أفعال العباد ص ٣٩، الطبعة الثانية، تحقيق د. عبد الرحمن عميرة، دار عكاظ، جدة، وابن أبي عاصم في السنة بلفظ «إن الله خالق كل صانع وصنعته»، انظر الجامع الصحيح في القدر، ص ١٢٥.وقال الألباني حديث صحيح، كتاب السنة لابن أبي عاصم ص (١/ ١٥٨)، الطبعة الثانية، تحقيق الألباني، المكتب الإسلامي، بيروت، ١٤٠٥ هـ. وهو مخرج في الصحيحة رقم (١٦٣٧). (٧) خلق أفعال العباد للبخاري، ص ٤٦. (٨) انظر: مجموع فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز، (٣/ ٤٧٦ - ٤٨٠)، معارج القبول (٣/ ٩٢٠ - ٩٤٠)، شفاء العليل (٢٩ - ٣٩).