اشتراكها في الإمكان والحدوث (١) فظهور التباين بينهما وبين الخالق أجلى وأقوى (٢) .
الثاني: أن يقال كيف يكون الرب الخالق الكامل من جميع الوجوه مشابهاً في صفاته للمخلوق في المربوب الناقص المفتقر إلى من يكمله وهل اعتقاد ذلك إلا تنقص لحق الخالق؟ فإن تشبيه الكامل بالناقص يجعله ناقصاً (٣) . الثالث: أننا نشاهد في المخلوقات ما يتفق في الأسماء ويختلف في
الحقيقة والكيفية فنشاهد أن للإنسان يداً ليست كيد الفيل (٤) وله قوة ليست كقوة الجمل (٥)
مع الاتفاق في الاسم فهذه يد وهذه يد وهذه قوة وهذه قوة وبينهما تباين في الكيفية والوصف فعلم بذلك أن الاتفاق في الاسم لا يلزم منه الاتفاق في الحقيقة، والتشبيه كالتمثيل وقد يفرق بينهما بأن التمثيل التسوية في كل
(١) الإمكان والحدوث مترادفان وهو ما يتصور العقل عدمه وقد سبق. (٢) وجه ذلك أن الخالق واجب الوجود والمخلوق ممكن فظهور التباين بينهما أولى من التباين بين الممكنات. (٣) ... بل المقارنة بين الكامل والناقص يحط من قدره ويجعله ناقصاً إذا لم يكن على سبيل الإلزام: ألم تر أن السيف ينقص قدره ... إذا قيل أن السيف أمضى من العصا أما إذا كان على سبيل الإلزام فإنه لا يدل على النقص كما قال تعالى {آلله خير أما يشركون} (٤) الفيل معروف، وجمعه أفيال وفيول وفيله ولا تقل: أفيلة ذكره الدميري في حياة الحيوان الكبرى (٢/١٥٩) . وانظر الحيوان للجاحظ (٢/٥٦٢) . (٥) الجمل هو الذكر من الإبل وجمعه جمال وأجمال وجمائل وجمالات قال تعالى {كأنه جمالات صفر، قال أكثر المفسرين: هي جمع جمال كرجال ا. هـ من حياة الحيوان للدميري (١/٢٥٠) وكان الأولى أن يعبر المؤلف بالبعير لأنه يشمل الذكر والأنثى بخلاف الجمل فإنه للذكر وذلك مقابلة مع الفيل الذي ذكره فإنه يشمل الذكر والأنثى إلا إذا كان المؤلف يرى أن الفيل خاص بالذكر والزنربيل للأنثى كما هو قول بعض أهل اللغة فإن ما ذكره مناسب لأنه حينئذ يكون الفيل والجمل للذكر.