وقوله:{أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون}(١)[النحل: ١٧] وقوله: {هل تعلم له سمياً}(٢)[مريم: ٦٥] وقوله: {ولم يكن له كفواً أحد}[الإخلاص: ٤](٣)
- وأما العقل: فمن وجوه:
الأول: أنه قد علم بالضرورة أن بين الخالق والمخلوق تبايناً (٤) في الذات وهذا يستلزم أن يكون بينهما تباين في الصفات لأن صفة كل موصوف تليق به كما هو ظاهر في صفات المخلوقات المتباينة في الذوات فقوة البعير (٥) مثلاً غير قوة. الذرة (٦)
فإذا ظهر التباين بين المخلوقات مع
(١) في الآية استفهام إنكاري على الذين يجعلون الله مشابهاً لخلقه وسيأتي في الملحق مزيد من التفصيل في شرح الآية لأهميتها. (٢) أي هل تعلم لله مشابهاً ومماثلاً من المخلوقين وهذا استفهام بمعنى النفي المعلوم بالعقل، ذكره السعدي في تفسيره (٣/٢١٣) . (٣) يراجع في فهم الآية إلى شراح هذه السورة وقد ذكرناهم سابقاً. (٤) اختلافاً. (٥) سمى بعيراً لأنه يبعر وهو اسم يقع على الذكر والأنثى وهو من الإبل بمنزلة الإنسان من الناس ذكره الدميري في حياة الحيوان الكبرى (١/١٦٧) . (٦) الذرة بالضم ضرب من الحب مأخوذ من ذرا على ما في معاجم اللغة إلا ابن دريد في ... جمهرته (٢/٦٩٦) فقد ذكره في (ذرة) انظر اللسان (٥/٤١) وتهذيب الأزهري (١٥/٨) أما الذرة بالفتح فجمعها الذر وهي النمل الأحمر الصغير كما في حياة الحيوان للدميري (١/٤٥٥) وأتى بفوائد كثيرة. وقال ابن عباد في المحيط في اللغة (١٠/٥٥) الذر: صغار النمل والواحدة ذرة ا. هـ وذكر السمين في عمدة الحفاظ (٢/٣٨) أن الذر فيها قولان أحدهما النملة الصغيرة كما ذكرنا واستشهد بما قاله امرؤ القيس: من القاصرات الطرف لو دب محول ****من الذر فوق الإتب منها لأثرا
والقول الثاني: إنها الهباء وهو مارئي في شعاع الشمس من كوة ونحوها ا. هـ وللجاحظ كلام جميل في الحيوان (٢/٧) عن حياة الذرة. - وأختم الكلام بما رواه الإمام أحمد في مسنده (٢/٣٦٣) عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يقتص الخلق بعضهم من بعض حتى الجماء من القرناء وحتى الذرة من الذرة. قال الهيثمي في مجمع الزوائد (١٠/٣٥٥) رجاله، جال الصحيح ا. هـ