للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأولى: بيان عموم كماله (١) كما في قوله تعالى: {ليس كمثله شيء] (٢) [الشورى: ١١] {ولم يكن له كفواً أحد} (٣) [الإخلاص: ٤]

الثانية: نفى ما ادعاه في حقه الكاذبون كما في قوله: {أن دعوا للرحمن ولدا وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولداً} (٤) [مريم: ٩١، ٩٢]

الثالثة: دفع توهم نقص من كماله فيما يتعلق بهذا الأمر المعين كما في قوله: {وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما لاعبين} [الدخان: ٣٨]

وقوله: {ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب} (٥)

[ق: ٣٨]


(١) هذا هو السبب الأول للصفات السلبية المجملة للدلالة على عموم كمال الرب بسلب جميع النقائص والعيوب عنه على سبيل العموم والشمول لكل فرد من أفراد ما يضاد الكمال من النقائص وهذا هو الغالب في الصفات السلبية أما النفي المفصل فقليل وسيذكر المؤلف له سببين.
(٢) انظر معنى الآية والوجوه التي قيلت فيها في شرح الطحاوية ص ٩٧.
(٣) انظر في ذلك شرح سورة الإخلاص لشيخ الإسلام ابن تيمية حققه الدكتور عبد العلي بن حامد، بومباي، الهند، وكتاب القول المعتمد في تفسير قل هو الله أحد لجمال الدين الأرميوني ت سنة ٩٥٨هـ، حققه محمد خير رمضان.
(٤) فهذه الآية رد على الكافرين الملحدين الذين قالوا إن لله ولداً وكذلك قوله تعالى: {ما اتخذ الله من ولد} [المؤمنون: ٩١] وقوله تعالى {لم يلد ولم يولد} [الإخلاص: ٣] فيهما الرد على من زعم ذلك.
فائدة:
ينبغي لها معنيان:
أ - بمعنى المستحب وهذا هو الذي على ألسنة الفقهاء ولا يعني انه حرام.
ب - ينبغي بمعنى المستحيل وهو الذي في الكتاب والسنة كالآية التي ذكرها المؤلف وكقوله صلى الله عليه وسلم (إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام) .
(٥) ووجه دفع التوهم أنه قد يقول الذهن الذي لا يقدر الله حق قدره، هذه السماوات العظيمة والأرضون العظيمة إذا كان خلقها في ستة أيام فسيلحقه التعب فقال {وما مسنا من لغوب} أي من تعب وإعياء، فعليه نقول: إن هذا التفصيل في النفي لئلا يتوهم واهم بأن الله سبحانه وتعالى تعب وأعيى فنفى الله عز وجل ذلك قاله المؤلف في شرح الواسطية (١/١١٢) .
قال قتادة والكلبي: نزلت هذه الآية في يهود المدينة، زعموا أن الله خلق السموات =

والأرض في ستة أيام أولها يوم الأحد، وآخرها يوم الجمعة، واستراح في يوم السبت، ولذلك جعلوه يوم راحة، فأكذبهم الله في ذلك.
انظر تفسير الماوردي (٥/٣٥٦) ، وزاد المسير لابن الجوزي (٨/٢٢)
فائدة: اختلف المفسرون في قوله تعالى {ستة أيام} على أقوال:

القول الأول: إنها ستة أيام كأيا منا أي مقدار ستة أيام كأيامنا المتعارفة والمتبادرة إلى الذهن وهذا قول الضحاك وكعب الأخبار وعبد الله بن سلام وذكره البغوي في تفسيره (٢/١٦٤) والألوسي (٨/١٣٢) وأبو حيان في تفسيره البحر المحيط (٤/٣٠٩) حيث قال: في مقدار ستة أيام، ليست ستة الأيام أنفسها وقع فيها الخلق وهذا كقوله {ولهم رزقهم فيها بكرة وعشياً} [مريم: ٦٢] والمراد: مقدار البكرة والعشي في الدنيا، لأنه لا ليل في الجنة ولا نهار. وإنما ذهب الذاهب إلى هذا لأنه إنما يمتاز اليوم عن الليلة بطلوع الشمس وغروبها. قبل خلق الشمس والقمر كيف يعقل خلق الأيام؟ والذي أقول: إنه متى أمكن حمل الشيء على ظاهره، أو على قريب من ظاهره كان أولى من حمله على ما لا يشمله العقل، أو على ما يخالف الظاهر جملة وذلك بأن يجعل قوله (في ستة أيام) ظرفاً لـ (خلق السموات والأرض) فيكون (في ستة أيام) مدة لخلق الأرض بتربتها وجبالها وشجرها ومكروهها نورها ودوابها وآدم عليه السلام وهذا يطابق الحديث الثابت في الصحيح وتبقى ستة أيام على ظاهرها من العددية ومن كونها أياماً باعتبار امتياز اليوم عن الليلة بطلوع الشمس وغروبها ا. هـ.
وانظر تفسير الرازي (١٤/٨٢)
القول الثاني: أنها ستة آلاف سنة لأن اليوم كألف سنة وبهذا قال الإمام أحمد بن حنبل ومجاهد كما في تفسير ابن كثير (٢/٥٣٨) ، والدر المنثور (٣/١٦٩) والآلوسي (٨/١٣٢) .
القول الثالث: أنها ستة أوقات أي لحظات ذكره أبو السعود في تفسيره (٢/٢٥٥) .
ملاحظة: ذكر المؤلف سببين للنفي المفصل في صفات الله وهناك سببان آخران.:
١ - تهديد الكافرين في مثل قوله تعالى: {وما الله بغافل عما تعملون} قاله المؤلف في شرح الواسطية.
٢ - توسيع دائرة الإثبات بإثبات أضدادها من صفات الكمال فنفى السنة والنوم إثبات لكمال حياته وإحاطة علمه وكمال قدرته، ونفي الصاحبة والولد إثبات لصمديته وعظمته.
القواعد الكلية للبريكان ص ١٥٦.
وبهذا يتبين لنا أن الصفات السلبية لها خمسة أسباب واحدة منها للنفي المجمل وأربعة أسباب للنفي المفصل.

<<  <   >  >>