قال الخطابي: لم يُرِدْ أعيان الأعمال؛ لأنها حاصلة حِسًّا وعيانًا بغير نيَّة، وإنما معناه أن صحة أحكام الأعمال في حقِّ الدِّين إنما يقع بالنيَّة، وأنَّ النيَّات هي الفاصلة بين ما يصح من الأفعال وما لا يصح. (١)
وذكر شيخُنا أبو الفتح القشيري: أنه لا بد من حذفٍ في قوله: "إنما الأعمال بالنية"، فاختلف العلماءُ في تقديره، فالذين اشترطوا النيَّة قدَّرُوهُ: صحة الأعمال بالنيات، والذين لم يشرطوها قدَّرُوهُ: كمال الأعمال بالنيات.
قال: ورُجِّح الأول (٢) بأنَّ الصحة أكثر لزومًا للحقيقة من الكمال، فالحملُ عليه أولى؛ لأنَّ كلَّ ما كان ألزمَ للشيء كان أقربَ إلى خُطُورِهِ بالبال عند إطلاق اللفظ، ويقدرونه أيضًا: إنما اعتبار الأعمال بالنيات. (٣)
وذكر القاضي أبو بكر ابن العربي فقال: وقال علماؤنا إنَّ المراد بهذا الحديث يعني الحديث الذي خرَّجَه (١٥/ و) الترمذيُّ وابنُ ماجه عن سعيد بن زيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا وضوء لمن لم يذكر اسمَ الله عليه"، هو النيَّة؛ لأنَّ الذكر
(١) أعلام الحديث (١/ ١١٢). (٢) من هامش الأصل. (٣) إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام (١/ ٦١).