- وكذلك لابدّ في الهبة من الإيجاب والقبول، كما سيأتي، بينما لا يشترط هذا في الصدقة أو الهدية:
أما الصدقة: فما أكثر ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتصدق، وكذلك أصحابه رضوان الله عليهم، ولم يُعهد أو يُنقل أنه كان يَجري إيجاب وقبول بين المتصدِّق ومن يتصدّق عليه.
وأما الهدية: فقد ثبت أن الناس من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا يتحرون بهداياهم يوم وجود رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند عائشة رضي الله عنها. ولم يُنقل أنه كن يحصل إيجاب وقبول بينهم وبينها، أو بينهم وبينه (انظر البخاري: كتاب الهبة، باب: قبول الهدية، رقم، ٢٤٣٥. ومسلم: فضائل الصحابة، باب: في فضل عائشة رضي الله تعالى عنها، رقم: ٢٤٤١).
[مشروعيتها]
الهبة - بالمعنى العام الشامل الذي سبق بيانه - مستحبة ومندوب إليها، دلّ على ذلك: الكتاب، والسنّة، والإجماع.
أما الكتاب:
- فمن ذلك قوله تعالى:{وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً}(النساء٤) أي إذا وهبكم أزواجكم شيئاً من مهورهن - بعد إعطائهنّ ذلك المهر حقاً مفروضاً لهنّ - وكانت نفوسهنّ راضية بتلك الهبة، فما وهبنه لكم كسب طيب حلال، فكلوه سائغاً لذيذاً، ولا حرج عليكم في أكله ولا مؤاخذة عليكم في أخذه.
(١) البر: كلمة جامعة لكل خير. تولوا وجوهكم: تديروها وتتوجهوا وتستقبلوا بها. قِبَل: نحو وجهة. آتى: أعطى. على حبه: أي أعطى المال مع حبه له وتعلق قلبه به. أو: أعطاه ونفسه راضية بهذا العطاء غير كارهة له. في الرقاب: في تحرير العبيد