للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال أبو جعفر الطحاوي: قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ} [الأنفال:٦٥] إلى قوله: {مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الأنفال:٦٥].، فكان فرض الله تعالى عليهم في هذه الآية أن لا يفروا من عشرة أمثالهم، وكان معقولاً في ذلك أنه جائز لهم أن يفروا مما هو أكثر من هذا، ثم نسخها الله رحمة منه لهم، وتخفيفاً لضعفهم، فقال: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ} [الأنفال:٦٦] الآية، فرد الله فرضه عليهم أن لا يفروا من مثليهم وكان معقولاً في ذلك أن لهم أن يفرُّوا من أكثر من مثليهم من العدد.

(شرح مشكل الآثار -١/ ٤٣٠)

الدراسة

بين الإمام الطحاوي أن قوله جل وعلا: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} [الأنفال:٦٥] منسوخ بقوله جل وعلا: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ} [الأنفال:٦٦]. حيث أفادت الآية الأولى وجوب ثبات المقاتل الواحد لعشرة مقاتلين، ورفعت الآية الثانية هذا الحكم، حيث أفادت تخفيف الفرض السابق إلى وجوب ثبات المقاتل الواحد لاثنين من المقاتلين.

وإليك بيان أقوال المفسرين في قول الله جل وعلا: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} [الأنفال:٦٥] هل هو منسوخ أم محكم؟:

- القول الأول: أن الآية الأولى محكمة، وأما ما في الآية الثانية فهو تخفيف لا نسخ.

- وهذا قول: مقاتل (١) - وأبي جعفر النحاس (٢) - ومكي بن أبي طالب (٣) - وأبي مسلم الأصفهاني (٤) - وابن حزم الظاهري. (٥)


(١) تفسير السمرقندي (٢/ ٢٥).
(٢) الناسخ والمنسوخ للنحاس (١٥٨).
(٣) الإيضاح لناسخ القرآن (٢٦٠).
(٤) تفسير الرازي (١٥/ ١٩٤).
(٥) الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم (٤/ ٤٨٨).

<<  <   >  >>