- وهذا قول: عمر بن الخطاب - وابن عمر - وابن عباس - وأبي هريرة - وأبي نضرة - وأبي سعيد الخدري - ونافع - والضحاك - وقتادة - وعطاء - والحسن البصري - ويزيد بن أبي حبيب. (١) وإليه ذهب: أبو حنيفة. (٢)
- ومن أدلة هذا القول:
١ - ما روي عن ابن عمر رضي الله عنه قال:(إنّما أنزلت هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ (١٥)} [الأنفال:١٥] في أهل بدر، لا قبلها ولا بعدها). (٣)
- وقد رُد هذا الاستدلال: بأن كون الآية نزلت في أهل بدر لا ينفي ثبوت هذا الحكم في حق غيرهم، إذ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. (٤)
كما دل على ذلك حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - والذي بين فيه الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن التولي من الزحف من الكبائر التي يجب على سائر الأمة الحذر منها. (٥)
٢ - أن هذه الآية في أهل بدر خاصة لأنه لم يكن لهم أن يتركوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع عدوه وينهزموا، ولأنهم لو انحازوا يومئذ لانحازوا إلى المشركين، لأنه لم يكن يومئذ مسلم غيرهم.
- وقد رد هذه الاستدلال: بأنه قد كان بالمدينة يومئذ خلق كثير من الأنصار لم يأمرهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالخروج، ولم يكونوا يرون أنه يكون قتال، وإنما ظنوا أنها العير، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيمن خف معه. (٦)
٣ - أن الله جل وعلا قال في الآية الثانية:{وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ}[الأنفال: ١٦] فالإشارة بقوله (يومئذ) إلى يوم بدر خاصة.
وقد رد هذا الاستدلال:
(١) انظر: تفسير الطبري (٦/ ٢٠٠) - وتفسير ابن كثير (٢/ ٣٠٧). (٢) تفسير الماوردي (٢/ ٣٠٤). (٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (حـ ٨٨٩٧ - ٥/ ١٦٧١) وذكره السيوطي في الدر المنثور - (٤/ ٣٦). (٤) تفسير الرازي (١٥/ ١٣٨). (٥) تفسير ابن كثير (٢/ ٣٠٧). (٦) أحكام القرآن للجصاص (٣/ ٧٣).