قوله:{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} هذا حث على العدل في كل شيء، و {الْمُقْسِطِينَ} يعني: العادلين، ولهذا جاء في الحديث الصحيح:"أن المقسطين على منابر من نور عن يمين الله عزّ وجل، الذين يعدلون في أهليهم وما ولوا عليه"(١).
إذًا المقسط: هو العادل، والقاسط هو الجائر، قال تعالى: {وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا (١٥)} [الجن: ١٥].
[من فوائد الآية الكريمة]
الفائدة الأولى: تأكيد كون هؤلاء اليهود سماعين للكذب، لقوله:{سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ}.
فإن قال قائل: يرد على قولك تأكيد القاعدة المعروفة أنه إذا دار الكلام بين التأسيس والتأكيد حمل على التأسيس؟ قلنا: نعم، هذا وارد لكن له جواب.
والجواب: أننا إذا قلنا إنه للتأسيس، صارت الجملة الأولى دالة على معنى واحد، والثانية على معنى واحد، وإذا قلنا: للتوكيد؛ صار كل منهما دالًا على معنيين، فمن ثَمَّ يترجح أن يكون ذلك للتأكيد.
الفائدة الثانية: التحذير من هذا الوصف القبيح وهو الاستماع للكذب أو نَقْلِ الكذب؛ لأن الله أكد بيان هذا الوصف القبيح من اليهود.
= والطبراني في الأوسط (٧/ ٣٠٣) (٧٥٦٥) عن عائشة رضي الله عنها، والبيهقي في السنن الكبرى (٦/ ١١٥) (١١٤٠٩) عن أبي هريرة رضي الله عنه. (١) رواه مسلم، كتاب الإمارة، باب فضيلة الإمام العادل، حديث رقم (١٨٢٧) عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما.