ويقول الهروي عبد الله الأنصاري المتوفي ٤٨١ هـ:
(الزهد أصله تعذيب الظاهر بترك الدنيا) (١).
وينقل ابن الملقن عن أستاذ الجنيد أنه قال:
(علامة الفقير الصادق أن يفتقر بعد الغنى , وينحط بعد الشهرة) (٢).
وينقل السلمي عن سمنون المحب - وهو من أصحاب السري السقطي - أنه سئل عن الفقير الصادق فقال: (الذي يأنس بالعدم كما يأنس الجاهل بالغنى , ويستوحش من الغنى كما يستوحش الجاهل من الفقر) (٣).
وذكروا عن أبي يزيد البسطامي أنه سئل: بأي شيء نلت هذه المعرفة؟ فقال: (ببطن جائع وبدن عار) (٤).
وأخيرا ذكر الكلاباذي عن الصوفية فقال:
(أنهم قوم تركوا الدنيا فخرجوا عن الأوطان , وهجروا الأخدان , وساحوا في البلاد , وأجاعوا الأكباد , وأعروا الأجساد) (٥).
مع اعترافهم بأن هذه هي المسيحية كما نص على ذلك أبو طالب المكي حيث قال:
(روينا عن عيسى عليه السلام أنه قال: (أجيعوا أكبادكم , وأعروا أجسادكم لعل قلوبكم ترى الله عز وجل) (٦).
فالنصوص في هذا المعنى أكثر من أن تعد وتحصى , وأن يسعها كتاب فهيهات هيهات أن يسعها باب أو جزء من الباب , وكل هذه النصوص تنطق صراحة عن مصدرها الأصلي ومرجعها الحقيقي , ولا علاقة لها بتعاليم الإسلام وإرشاداته , بل أنها مخالفة تماما لتلك , ولكي يسهل على القراء والباحثين المقارنة ذكرنا ما ورد في القرآن والسنة في هذا الخصوص , كما أوردنا قبل ذلك توجيهات مسيحية وتعاليم
(١) منازل السائرين مع العلل والمقامات ص ٢٩٦ ط إيران ١٣٦١ هجري قمري.
(٢) طبقات الأولياء لابن الملقن المتوفى ٨٠٤ هـ ص ١٥٢ ط مكتبة الخانجي القاهرة ١٩٧٣ م.
(٣) طبقات السلمي ص ٤٧.
(٤) قوت القلوب ص ١٦٨ , أيضا الرسالة للقشيري ص ٨٨.
(٥) التعرف للكلاباذي ص ٢٩.
(٦) انظر قوت القلوب لأبي طالب المكي ج ٢ ص ١٦٧.