ذلك ... وأن لا يدخل عليه في خلوة إلا بإذنه , وأن لا يرفع الستارة التي فيها الشيخ إلا بإذنه وإلا هلك كما وقع لكثير) (١).
فلنرجع إلى موضوعنا ونقول: إن القوم يجعلون متصوفيهم معصومين حيث لا يجيزون الاعتراض عليهم , ويقولون:
(من قال لأستاذه: لِمَ لا يفلح) (٢).
لأن (الشيخ في أهله كالنبي في أمته) (٣).
وعلى ذلك قال القشيري:
(من شرط المريد أن لا يكون بقلبه اعتراض على شيخه) (٤).
وهناك حكايات ومقولات كثيرة في هذا المعنى تنبئ وتدلّ صراحة على أن عصمة المتصوفة وأوليائهم , مثل عصمة الأنبياء , وبتعبير صحيح كعصمة أئمة الشيعة , مثل الحكاية التي رواها ابن عجيبة في فتوحاته , عن بعض مشائخه قال:
(رأيت يوما شخصا استحسنته فإذا لطمه وقعت على عيني , فسالت على خدي , فقلت: آه فقيل لي: لحظة بلطمة , لو زدت لزدناك) (٥).
فمن كان هذا القائل يا ترى؟
فانظر كيف يدّعون العصمة حتى من النظر إلى أحد بتلذذ؟
وكذلك نقل أحد الرفاعيين عن الرفاعي أنه قال:
(قال لي الشيخ يعقوب: رأيت الشيطان واقفا على باب داري فهممت بضربه , فقال: أي يعقوب , أنتم أهل الإنصاف , إن في بيتكم الأحمر والأصفر (أي الذهب والفضة أو الدنانير والدراهم) , وهما لي كيف لم أجيء إلى بيتكم؟) (٦).
(١) كتاب سيدي أحمد الدردير للدكتور هبد الحليم محمود ص ١١٩. ١٢٠ , ١٢١.
(٢) انظر غيث المواهب العلية للنفزي الرندي ج ١ ص ١٩٧.
(٣) انظر كشف المحجوب للهجويري ص ٢٥٢ , غيث المواهب ج١ ص ١٩٧ , صوم القلب لعمار البدليسي مخطوط ورقة رقم ١٩ المنقول من ملحق كتاب فوائح الجمال لنجم الدين الكبري تعليقة رقم ٢٢ ط ألمانيا ١٩٥٧ م , أيضا كتاب العروة للسمناني مخطوط المنقول من ختم الأولياء ص ٤٨٩ , كذلك الفتوحات الإلهية لابن عجيبة الحسني ص ١٧٣.
(٤) الرسالة القشيرية ج٢ ص ٧٣٦ , أيضا التدبيرات الإلهية لابن عربي ص ٢٢٦ , جامع الأصول للكمشخانوي ص ٢.
(٥) الفتوحات الإلهية ص ١٦٣.
(٦) انظر قلادة الجواهر لمحمد أبي الهدى الرفاعي ص ١٣٥ ط دار الكتب العلمية. بيروت.