بالحلول والإتحاد مثل النصارى , غير أن النصارى أضافوا الحلول والاتحاد إلى عيسى عليه السلام وأضافهما هو إلى نفسه , وكان مترددا بين هاتين الدعوتين , ولم يعلم على أيهما استقر في النهاية - ونقل عن كتاب أصول الديانات أنه -: كان أمويا وجبريا في الظاهر وباطنيا ودهريا في الباطن , وكان مراده من وضع هذا المذهب أن يثير الاضطراب في الإسلام) (١).
ومن الغرائب أن شخصا آخر وهو ذو النون المصري الذي يقال عنه: (أنه أول من عرف التوحيد بالمعنى الصوفي) (٢).
وهو: (رأس هذه الطائفة , فالكل قد أخذ عنه وأنتسب إليه , وقد كان المشائخ قبله ولكنه أول من فسر الإرشادات الصوفية وتكلم في هذا الطريق) (٣).
وأنه: (هو أول من تكلم في بلده في ترتيب الأحوال ومقامات أهل الولاية) (٤).
كما أثر عنه بأنه (أول من وضع تعريفات للوجد والسماع) (٥).
وعلى ذلك قال بحق , الكاتب الإنجليزي المشهور عن الصوفية:
(هو أحق رجال الصوفية على الإطلاق بأن يطلق عليه اسم واضع التصوف , وقد اعترف له بالفضل في هذا الميدان كتّاب التراجم المؤرخون من المسلمين) (٦).
فهذا هو الشخص الآخر من واضعي التصوف , وكان أيضا متهما بالزندقة والاشتغال بالسحر والطلسمات كما نقل الإمام الذهبي عن يوسف بن أحمد البغدادي أنه قال:
(كان أهل ناحيته يسمونه بالزنديق) (٧).
ونقل أيضا عن السلمي أنه قال:
(ذو النون أول من تكلم ببلدته في ترتيب الأحوال , ومقامات الأولياء , فأنكر عليه عبد الله بن عبد الحكم , وهجره علماء مصر. وشاع أنه أحدث علما لم يتكلم فيه السلف , وهجروه حتى رموه بالزندقة. فقال أخوه: أنهم يقولون: إنك زنديق.
(١) طرائق الحقائق للحاج معصوم على ج١ ص ١٠١.
(٢) انظر الرسالة القشيرية لأبي القاسم عبد الكريم القشيري بتحقيق عبد الحليم محمود ط دار الكتب الحديثة - القاهرة.
(٣) نفحات الأنس للجامي ص ٣٣ الطبعة الفارسية إيران.
(٤) النجوم الزاهرة للتغري البردي الأتابكي ج٢ ص ٣٢٠ ط وزارة الثقافة مصر.
(٥) الرسالة القشيرية تحقيق عبد الحليم محمود ط القاهرة.
(٦) في التصوف الإسلامي وتاريخه لينكسون ترجمة أبي العلاء العفيفي ص ٧ ط القاهرة.
(٧) انظر سير أعلام النبلاء للذهبي ج ١١ ص ٥٣٣.