وباطنهنّ، فمن يلوك بلسانه ويلوي بشدقه سيرة أمّهات المؤمنين اللاتي أذهب الله عنهنّ الرّجس وطهرهنّ تطهيراً فقد افترى! فهذا نصّ صريح في دخول أزواج النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في أهل البيت لأنّهنّ سبب نزول الآية.
أمّا من ذهب إلى أنّ أمّهات المؤمنين غير مخاطبات بالآية، وأنهنّ خرجن من أهل البيت بدليل أنّ الله تعالى، قال:{لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ} ولم يقل: عنكنّ، وقال:{وَيُطَهِّرَكُمْ} ولم يقل: ويطهركنّ.
فالجواب أنّ المذكّر غلب على المؤنّث ذلك أنّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يدخل في أهل البيت، ثمّ كيف لا يدخلْنَ في أهل البيت والسّياق كلّه في ذكرهنّ؟!
فإن قالوا: لكنّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نصّ على أنّ أهل البيت هم: الحسن والحسين، وفاطمة وعليّ، بدليل ما أخرجه الإمام مسلم عن صفيّة بنت شيبة، قالت: قالت عائشة: " خرج النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - غَداةً وعليه مِرطٌ (كساء) مُرَحّلٌ من شعر أسود، فجاء الحسن بن عليّ، فأدخله، ثمّ جاء الحسين، فدخل معه، ثمّ جاءت فاطمةُ فأدخلها، ثمّ جاء عليّ فأدخله، ثمّ قال: إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرّجس أهل البيت ويطهّركم تطهيرا "(١).
قلنا: فهل نَصَّ الحديثُ على أنّ هؤلاء الأربعة ـ رضي الله عنهم ـ هم أهل البيت وحدهم؟! قطعاً الجواب لا؛ فهناك أحاديث ثابتة بالتّواتر القطعيّ الدلاّلة كابراً عن كابر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنّ أمّهات المؤمنين من آل بيته، منها ما أخرجه مسلم عن أبي حُمَيْد السَّاعديّ أنّهم قالوا:" يا رسول الله، كيف نصلّي عليك؟ قال: قولوا: اللّهمّ صلّ على محمّد وعلى أزواجه وذُرِّيَّته كما صلّيتَ على آل إبراهيم، وبارك على محمّد وعلى أزواجه وذُرِّيَّته كما باركت على آل إبراهيم إنّك حميد مجيدٌ "(٢).
(١) مسلم: " صحيح مسلم بشرح النّووي " (م ٨/ج ١٥/ص ١٩٤) كتاب الصّحابة. (٢) مسلم" صحيح مسلم بشرح النّوويّ " (م ٢/ج ٤/ص ١٢٧) كتاب الصّلاة، والبخاري " صحيح = = البخاري " (م ٤/ج ٧/ص ١٥٦) كتاب الدّعوات.