قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما أنا لكم بمنزلة الوالد أعلمكم"، قيل فيه ثلاثة أقوال (١):
- أحدهما: قول الخطابي (٢): "إنه كلام بسط وتأنيس لهم (٣)؛ لئلا يحتشموه في السؤال عمّا يحتاجون إليه في أمر دينهم (٤).
ومعناه: لا تستحيوا من سؤالي عمّا تحتاجون إليه كما لا تستحيون من الوالدين، وأنا لا أستحييكم في ذلك كما لا يستحيي الوالد من ذكر ذلك لولده.
- والثاني: بمنزلة الوالد في الشفقة عليكم، والاعتناء بمصالحكم في الدين والدنيا، وبذل الوسع في ذلك كما يفعل الوالد.
- والثالث: إنه بمنزلة الوالد في المعنيين جميعًا.
- والرابع: إن ذلك من باب التمهيد بكلامٍ بين يدي المقصود لا سيما في ما يُسْتَحْيىَ منه في العادة.
قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فإذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة، ولا يستدبرها".
قال الخطابي (٥): "وأصل الغائط: المكان المطمئن (٦)، كانوا
(١) المذكورة أربعة أقوال، فتنبّه، والوجهان الأولان عند القاضي حسين في "التعليقة" (١/ ٣٠٧ - ٣٠٨). (٢) "معالم السنن" (١/ ١٤) وقال المصنف في "المجموع" (٢/ ١٠٩) -وحكى فيه قولين فقط- عنه: "أظهرهما". (٣) في "المعالم": "للمخاطبين". (٤) في "المعالم": "ولا يستحيوا عن مسألته فيما يعرض لهم من أمر دينهم". (٥) "معالم السنن": (١/ ١٥). (٦) في "المعالم": "الغائط: المطمئن من الأرض".