وحديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ - عز وجل -» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، نَرَى رَبَّنَا؟ قَالَ: فَقَالَ: «هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ نِصْفَ النَّهَارِ؟» قَالُوا: لا، قَالَ: فَتُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ؟ قَالُوا: لا، قَالَ:«فَإِنَّكُمْ لا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ، إِلا كَمَا تُضَارُّونَ فِي ذَلِكَ»(٢).
• ومن المسائل التي يحسن ذكرها في هذا المقام ما يلي:
- المسألة الأولى: ما الطوائف التي أنكرت الرؤية؟
o الجواب: هم الجهمية والمعتزلة، وتبعهم على ذلك الخوارج والرافضة، وقد استدلوا على ذلك بأدلة مثل قوله تعالى لموسى - عليه السلام -: {لَنْ تَرَانِي}[الأعراف:١٤٣]، قالوا: إن لن للتأبيد، وهذا غير صحيح، لعدة أوجهٍ:
أحدها: أن نفي الرؤية الوارد في الآية إنما هو في الدنيا؛ لأن موسى - عز وجل - طلب رؤية ربه - عز وجل - في الحياة الدنيا.
الثاني: أن قولهم: إن (لن) هنا للنفي المؤبد ليس إلا مجرد دعوى فقد قال تعالى حكاية عن الكفار: {وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا}[البقرة:٩٥]، وهذا في الدنيا فلو كانت (لن) للتأبيد المطلق والنفي المؤبد لما تمنى الكفار الموت في الآخرة كما في قوله تعالى: {وَنَادَوْا يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ}[الزُّخرُف:٧٧].
(١) أخرجه البخاري رقم (٥٥٤)، ومسلم رقم (٦٣٣). (٢) أخرجه البخاري رقم (٢٢)، ومسلم رقم (١٨٢)، وأحمد رقم (١٠٦٩٧)، واللفظ له.