وصحب رجلٌ قومًا في الجهاد، فاشترط عليهم أن يخدُمَهم، فكان إذا أرادَ أحدٌ منهم أن يغسل رأسه أو ثوبه، قال: هذا من شرطي، فيفعله، فمات فجرَّدوهُ للغسل، فرأَوا على يده مكتوبًا: من أهل الجنة، فنظروا، فإذا هي كتابةٌ بين الجلد واللحم.
وفي "الصحيحين" عن أنس، قال: كنَّا مع النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في السَّفر، فمنَّا الصَّائم، ومنَّا المفطرُ، قال: فنزلنا منزلًا في يومٍ حارٍّ، أكثرنا ظلًّا صاحبُ الكساءِ، ومنَّا من يتَّقي الشَّمسَ بيده، قال: فسقط الصُّوَّام، وقام المفطرون، وضربُوا الأبنية، وسَقوا الرِّكابَ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ذهب المفطرونَ اليومَ بالأجرِ"(١).
ويُروى عن رجلٍ من أسلم أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أُتِي بطعامٍ في بعض أسفاره، فأكل منه وأكل أصحابُهُ، وقبض الأسلميُّ يده، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مالك؟ " قال: إنِّي صائمٌ، قال:"فما حملَك على ذلك؟ " قال: معي ابناي يرحلان لي ويخدُماني، فقال:"ما زال لهُمُ الفضلُ عليك بعدُ".
وفي "مراسيل أبي داود"(٢) عن أبي قِلابة أنَّ ناسًا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدِموا يُثنونَ على صاحبٍ لهم خيرًا، قالوا: ما رأينا مثلَ فلانٍ قطُّ، ما كان في مسيرٍ إلَّا كان في قراءةٍ، ولا نزلنا منزلًا إلَّا كان في صلاةٍ، قال:"فمن كان يكفيه ضيعته؟ " حتى ذكر: "ومن كان يعلِف جمله أو دابَّته؟ " قالوا: نحن، قال:"فكلُّكم خيرٌ منه".
قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ومن سلك طريقًا يلتمسُ فيه علمًا، سهَّل الله له به طريقًا إلى